عليه وفود العرب يهنئونه ، وجاء فيهم عبد المطلب بن هاشم وعرفه ، وكان بينه وبينه من الخطاب والبشارة بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم ما هو مشهور في التواريخ . وقد ذكر المسعودي غمدان في البيوت المعظمة . الغميصاء : موضع في ديار بني جذيمة من بني كنانة ، وهناك أصاب منهم خالد بن الوليد ما أصاب ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إليه عند فتح مكة ومعه بنو سُلَيْم ، وكانت بنو كنانة قتلتْ في الجاهلية الفاكه بن المغيرة عمّ خالد وعوف بن عبد عوف والد عبد الرحمن ، وهما صادران من اليمن ، ثم عقلتهما وسكن الأمر بينهم وبين قريش ، وكان لبني سُلَيم أيضاً في بني كنانة ذحول ، فأسرعوا فيهم القتل بالغميصاء ، وفي ذلك قيل : فكم فيهمُ يومَ الغميصاء من فتىً * أصيبَ ولم يُشْمَلْ له الرأْسُ واضحا وكائن ترى يوم الغميصاء من فتى * أصيب ولم يجرح وقد كان جارحا فبعضهم يرى أنهم كانوا مسلمين ، وأن خالداً أوقع بهم ليدرك بثأر عمه ، ولذلك قالوا : إن النبي صلى الله عليه وسلم وداهم وقال : " اللهم إني أبرأ إليك ممّا صنعه خالد " . غسان : ماء بسد مأرب ، كان شرباً لولد مازن بن الأزد فسموا به ، ويقال : هو ماء بالمشلل قريب من الجحفة والذين شربوا منه فسموا به قبائل من ولد مازن بن الأزد بن الغوث وقال حسّان : إما سألتِ فإنا معشر نجب * الأزدُ نسبتنا والماءُ غسَّانُ غوران : مدينة في بلاد الترك صغيرة ، يسكنها ملك صنف من الأتراك له جنود وقواد وعُمّال ، وله حزم واجتهاد واحتراس من أعدائه المجاورين له ، ويحيط بهذه المدينة مع مدن ثلاث غيرها جبل يستدير عليها استدارة النون ، لا يدخل إليها إلا على فم ضيق يسعه القليل من الرجال ، وهذا الفم عليه عقد من الجبل إلى الجبل جسور من الصخور ، ويشق هذا الفم الذي يدخل منه إلى البلاد نهر كبير يأتي من داخل الجبل ، ويخرج على فم هذا المضيق ويتصل جريه إلى بركة عظيمة خارج الجبل ، وعلى هذه البركة قوم ظواعن ينتقلون في كل أرض . الغوير : نفق في حصن الزبا ، وفيه قيل المثل : عسى الغوير أبؤساً ، قالته الزبا . وذلك أن الزبا لما قتلت جذيمة قال قصير بن سعد لعمرو ابن أخت جذيمة : ألا تطلب بثأر خالك ؟ قال : وكيف أقدر على الزبا وهي أمنع من عقاب لوح الجو ، فأخرجها مثلاً ، فقال قصير : اعمد إلى سرتي فاصطلمها واجدع أنفي وأذني ، واضرب ظهري ضرباً موجعاً ، ودعني وإياها ، ففعل ذلك ، فلما سار إليها أعلمها سبب قصده إياها ، وأن عمراً قد فعل ذلك به لما توهمه أنه أشار على جذيمة بالإقبال إليها حتى فعلت به ما فعلت ، فصدقته وظنَّتِ الأمر كما وصف ، ووعدته بالإحسان إليه ، فأحسن خدمتها وأظهر النصيحة وحسنت منزلته عندها ، وتحلى عندها بالتجارة وزينها لها ، فبعثت معه مالاً وإبلاً إلى العراق ، فصار قصير إلى عمرو في سرٍّ وأخذ منه مالاً وزاده على مالها واشترى طرفاً من طرف العراق ورجع إليها فأراها الأرباح ، فسرَّتْ به ، ثمّ جهَّزته مرة أخْرى فأضعف لها المال حتى عجبت من ذلكَ ، وازدادت به سروراً وغبطة ، فلما كانت المرة الثالثة أعدَّ لها جوالق وأدخل في الجوالق رجالاً بسلاحهم ، وذلك بموافقة من عمرو ، وقد سار معه ، فكانا يسيران الليل ويكمنان بالنهار ، ومع ذلك فإن الزبّا لما بعد خبره عنها سألت عنه فقيل لها : أخذ الغوير ، فقالت : عسى الغوير أبؤساً ، فأرسلتها مثلاً ، ودخل قصير إلى الزبا والعير متأخرة عنه ، فقال لها : قفي فانظري إلى العير ، فرقت سطحاً لها ، فجعلت تنظر إلى العير وهي تمشي قليلاً قليلاً فأنكرت مشيتها وقالت : ما للجِمالِ مشيها وئيدا أجندلاً يحملن أمْ حديدا أم صرفاناً بارداً شديدا أمَ الرجال جثماً قعودا والصرفان : الرصاص ، فانتهوا إلى الحصن الذي هي فيه وقد أظلم