كذلك إذ أوحى الله تعالى إلى عيسى : إني قد أخرجت عباداً لي لا يدان لأحد بقتالهم ، فجوز عبادي إلى الطور ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون . . . الخبر بكماله . ومن مدينة أيلة إلى بيت المقدس ست مراحل والطور الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام على يوم وليلة من أيلة ، وإذا سرت من أيلة لقيت عقبة لا يصعد لها راكب لصعوبتها ولا تقطع إلا في طول اليوم لطولها ، ثم تسير مرحلتين في فحص التيه الذي تاه فيه بنو إسرائيل حتى توافي ساحل البحر بموضع يقال له بحر فاران وهو الذي غرق فيه فرعون ، ومن هنا إلى بحر القلزم مرحلة واحدة ، وإنما نسب هذا البحر إلى فاران وهي مدينة من مدن العماليق على تل بين جبلين ، وفي هذين الجبلين ثقوب لا تحصى مملوءة أمواتاً ، وفي سفح أحدهما بيعة للنصارى حصينة عليها سور من حجارة ذو شرفات وأبواب حديد داخله عين ماء عذب ، وعلى العين درابزين من نُحاس لئلا يسقط فيه أحد وقد أجري ماؤها في قني رصاص إلى ما حوالي الدير من الكروم والأشجار ، ويقال إن على هذه العين كان ثمر العليق الذي آنس موسى عليه السلام عنده النار ، وعلى خطوات من هذا الدير أول العقبة التي يصعد منها الناس إلى طور سيناء وهي ستة آلاف وستمائة وستون مرقاة قد نحتت درجات في الصخر ، فإذا قطعت نصف المرقاة صرت إلى مستوى من الأرض فيه أشجار وماء عذب وهناك كنيسة على اسم إيلياء النبي ، وهناك مغارة يزعمون أن إيلياء استخفى فيها من أزقيل الملك ، ثم تستمر في الارتقاء حتى تنتهي إلى قلة الجبل ، وهناك كنيسة متقنة البناء تنسب إلى موسى عليه السلام بأساطين رخام وحيطانها مزخرفة بالفسيفساء ، وأبوابها ملبسة بالصفر وسقفها من خشب الصنوبر وأعلاها أطباق رصاص قد أحكمت غاية الإحكام وليس فيها إلا إنسان واحد يقمها ويقوم عليها ويجمرها ويسرج قناديلها ، قد اتخذ هذا الراهب لنفسه بيتاً صغيراً خارجاً عن الكنيسة يأوي إليه وينام فيه ، ولا يمكن أحد أن ينام في الكنيسة ولا يدخل عينيه غمض . وهذه الكنيسة بنيت في المكان الذي كلم الله فيه موسى عليه السلام تكليماً . قالوا : وأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام إني متوفي هارون فأتِ به جبل كذا فانطلق موسى وهارون إلى ذلك الجبل فإذا فيه شجر وبيت مبني ، وإذا فيه سرير وعليه فرش ، فلما نظر هارون إليه أعجبه وقال : يا موسى ، إني أحب أن أنام على هذا السرير فقال : نم عليه ، فقال : إني أخاف ربَّ البيت ، قال موسى : أنا أكفيك . فلما نام هارون قبض الله روحه ، ثم رفع ذلك البيت وذلك السرير إلى السماء ، فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل وليس معه هارون قالوا : إن موسى قتل هارون وحسده لحب بني إسرائيل له ، وكان هارون أعطف عليهم . وقيل : بل هو مدفون في جبل من جبال الشراة مما يلي الطور ، وقبره مشهور في مغارة عادية يسمع منها في بعض الليل دوي عظيم يجزع منه كل ذي روح وقيل : بل هو موضوع في المغارة غير مدفون . طوخا : مدينة على نهر الصين عامرة بالناس فيها تجار وبضائع وبها تصنع الثياب الطوخيّة من الحرير ولها قيمة وافرة ويتجهز بها منها إلى البلاد وهي ثياب مطرقة كالعتابية ، وفيها ثياب مريشة يعمر الثوب منها كثيراً . طوارق : من قصور قفصة في البلاد الجريدية ، وهي منتصف الطريق من قفصة إلى فج الحمار وأنت تريد القيروان ، وكانت مدينة كبيرة آهلة فيها جامع وكانت القوافل إذا خطرت بين هذه القصور تكعم إبلها ودوابها لئلا ترعى ورق الشجر لكثرته على تلك الطريق ، وهي اليوم خربة لا أنيس بها منذ دخلت العرب بلاد إفريقية وأفسدت بلاد القيروان وغيرها من البلاد والقرى والعمائر وكثير من المدن بإفريقية . طوس : مدينة من نيسابور على مرحلتين ، وقيل على ستة عشر فرسخاً . وطوس العظمى يقال لها نوقان ، وهي مدينة كبيرة حسنة المباني كثيرة الأسواق شاملة الأرزاق عامرة الأمكنة رائقة الجهات ولها مدن بها منابر . ولمّا فتح ابن عامر مدينة نيسابور قيل صلحاً وقيل عنوة فتح ما حولها طوس وبيورد ونسا وحُمران وسرخس ، وقيل