فيشربها أولهم ، ويجتاز آخرهم فيقول : قد كان هاهنا مرة ماء ، أو هذا معناه . وفي طبرية مياه تنبع حارة تفور في الصيف والشتاء لا تنقطع فتدخل المياه الحارة إلى حماماتهم فلا يحتاجون إلى وقود . وإليها ينسب الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ والمصنفات الكثيرة ، نزل بغداد ومات سنة عشر وثلاثمائة . وطولها نحو فرسخ مع طول الجبل ، وعرضها أقل من نصف ميل ، ولها بابان ، وهي في المشرق من البحيرة ، وطول البحيرة اثنا عشر فرسخاً في مثلها . وقال علي بن محمد الحلبي : يخرج من بحيرة طبرية قار من أعمق وسط البحيرة ، ثم تقذفه الريح في حافتها فيجتمع هناك ويستعمله أهل أنطاكية وطرسوس وما إلى تلك البلاد ، يطلون به أصول الكروم والشجر فلا يصعد إليها دود ولا نمل ولا حيوان مؤذ . ومن غريب ما حكي أن لأهل طبرية قرية فيها شجر أترج ، تخرج الأترجة على مثال النساء ، الأترجة لها ثديان وما يشبه اليدين والرجلين ، وموضع الفرج مفتوح ، وأمر هذه القرية في الأترج مستفيض عندهم لا يُدفع ، وهي قرية ناصرة حيث وُلِد المسيح عليه السلام ويزعم أهل طبرية أنه لا يولد لأهل ناصرة بكر إلى هذه الغاية لأنهم عيّروا مريم بنت عمران ، وأهل بيت المقدس يدفعون ما يقول أهل طبرية من ولادة المسيح عندهم ، ويزعمون أنها ببيت المقدس وأن آثار ذلك ظاهرة . الطبران : مدينة من مدن طوس بخراسان ومنها الطبراني المؤِّلف المشهور . طميسة : من عمل طبرستان ، متاخمة لجرجان وعليها سوران وثيقان من آجر ، وفي ربضها خانات وأسواق وبها ضرب من الخبز يسكر من أكله ، وليس لأحد من أهل طبرستان أن يخرج إلى جرجان ولا أن يدخل من طبرستان إلى جرجان إلا عليها لأنها درب الحائط الممدود من حرف البحر إلى الجبل ، وهو الذي كان كسرى أنوشروان بناه ليحول بين الترك وبين الإغارة على طبرستان . وطميسة هذه في سفوح جباله . وهي مدينة على ساحل البحر نزل عليها سعيد بن العاصي أيام عثمان فقاتله أهلها حتى صلَّى يومئذ صلاة الخوف ، وهم يقتتلون ، وكان معه حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ، فسأله كيف صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وضرب يومئذ سعيد بن العاص رضي الله عنه رجلاً من المشركين على حبل عاتقه فخرج السّيف من تحت مرفقه ، وحاصرهم فطلبوا الأمان فأعطاهم على أن لا يقتل منهم رجلاً واحداً ، ففتحوا الحصن فقتلهم جميعاً إلا رجلاً واحداً وحوى ما كان في الحصن . الطبسان : من كرمان ، فتحها عبد الله بن بُدَيْل بن ورقاء الخزاعي في خلافة عمر رضي الله عنه بعد فتحه لكرمان ، كذا ذكر المدائني ، ثم قدم على عمر رضي الله عنه فقال : يا أمير المؤمنين إني افتتحت الطبسين فأقطعنيها فأراد أن يفعل ، فقيل لعمر رضي الله عنه : إنها رستاقان عظيمان فلم يعطهما إياه ، وهما بابا خُراسان . طبرقة : بين درنة وباجة من البلاد الإفريقية ، وبينها وبين بنزرت سبعون ميلاً ، وهي قديمة فيها آثار كثيرة للأُول ، وهي على نهر كبير بقرب البحر تدخله السفن ، وبالقرب منها مدينة مرسى الخزر ، والبحر محيط بها من كل جهة إلا مسلكاً لطيفاً ربما قطعه البحر في زمن الشتاء ، وعليها سور قديم ، وبها كانت تنشأ السفن لغزو بلاد الروم ، وفيها يخرج المرجان ومنها يُحْمَل إلى جميع بلاد الدنيا ، وهناك قوم لهم مراكب وزوارق ليس لهم حرفة إلا إخراج المرجان من قعر البحر ، وهو نبات شجر له أغصان . ويقال إنه في قعر البحر ليّن رطب ، فإذا مسَّه الهواء اشتد ويخرج منه في ذلك البحر مئون من قناطير في كل سنة ، وهو أنفس مرجان في الدنيا ، وأنفقُ شيء بالهند والصين ، ويكون في الزقاق بساحل بليونش