إسم الكتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار ( عدد الصفحات : 629)
عند أحد من الخلق هو ، فانتهى الخبر إلى الاصبهبذ ، فأمر من الغد بنصب سماطين ، فأحضر أصحابه للشراب ، وأحضر الرجل الخُراساني ، وأمر ألا يخرج بيومه ذلك من الجامات إلا ديكة مكللة من الجواهر ، ودفع إلى كل رجلين من السماطين ديكاً من الديكة التي أخرجت من الخزائن ، فبهت الخُراساني مما رأى ، وفطن أنه إنما عرّض به لما كان يكثر أن يقوله ، فقام فقال : أيها الملك ، أخطأت فأقلني ، فأمر له بصِلة جزيلة وردّ ذلك الديك إليه ولم يقبله . وكانت خزائن الملوك كلها صارت إليه . وطبرستان وجرجان وموقان وجيلان كلها وما والاها على ساحل الخزر ونزل الططر على طبرستان في سنة ست عشرة وستمائة واستولوا عليها قتلاً ونهباً وتخريباً وفعلوا العظائم ، على عادتهم . طبرمين : حصن بصقلية منيع ، بينه وبين مسيني مرحلة ، وهو بلد شامخ رفيع أزلي من أشرف البلاد ، وهو على جبل مطل على البحر ، وبه مرسى حسن ، والسفر إليه من كل الجهات ، ويحمل منه كثير من الغلات وفيه منازل وأسواق ، وتجتمع فيه القوافل الواصلة من مسيني ، وبه ضياع صالحة ومزارع طيبة ، وبه معدن الذهب ، وبه الجبل المشهور المسمى بالطور ، وأنهار غزيرة عليها أرحاء كثيرة ، وبها جنات قلائل ، وبها واد عليه قنطرة عجيبة يدل بناؤها على قدرة بانيها وقوة سلطانه ، وبها ملعب من ملاعب الروم القديمة تدل رسومه على شرف ملك وشماخة قدر . وكانت طبرمين فتحت على يد إبراهيم بن أحمد بن الأغلب في سنة تسع وثمانين ومائتين ، بعد أن حاصرها ووقف بنفسه يحرض المسلمين على القتال ، ومس الفريقين ألم الجراح وهمَّ كل بالانحياز ، فقرأ قارئ كان بين يدي إبراهيم " هذانِ خَصمانِ آخْتَصَمُوا في رَبِّهِمْ " إلى آخر الآية فحمل حينئذ جملة العسكر وأهل البصائر منهم بنيات صادقة ، فانهزم الكفرة وولوا هاربين وقتلهم المسلمون أبرح قتل ، واقتفوا آثارهم في بطون الأودية ورؤوس الجبال ، ودخل إبراهيم ومن معه طبرمين بلا عهد ولا عقد ، فقتل وسبى والتجأ بعضهم إلى بعض القلاع ، وفي ذلك يقول شاعره : قد فتح الله طبرمينا * في عام سبع وثمانينا وشهر شعبان فأعظم به * شهراً يراه الله ميمونا فأيَّد الله إمام الهدى * وزاده عزاً وتمكينا ثم رحل طالباً لكل من بقلورية من الروم بقتل وسبي فهربوا بين يديه ، ومضى إلى كشنته فحاصرها ، فطلبوا الأمان وأداء الجزية ، فأبى ولم يجبهم ، وحلت به عليه علته التي مات منها وزادت العلة به فمات سنة تسع وثمانين ، وحمل إلى بلرم فدفن بها وأدى أهل كشنته الجزية وهم لا يعلمون بموته وكان فتحه لمدينة طبرمين سنة سبع وثمانين ومائتين ، وقتل من أهلها بشراً عظيماً ثم عفا عنهم ، وكان متولي حرب أهل بلرم ابنه أبو العباس ، الذي كان جعله ولي عهده . طبرية : مدينة من بلاد الأردن بالشام ، بينها وبين عكا يومان ، وبنى هذه المدينة طيباريوس أحد ملوك الروم ، وإلى اسمه أضيفت فعربتها العرب حين افتتحت البلاد فقالت : طبرية . وهو الذي لخمس عشرة سنة من ملكه كان تعميد يشوع الناصري في نهر الأردن ، وزعموا أن المعمد له يحيى بن زكريا ابن خالة يشوع ، وهو عندهم عيسى عليه الصلاة والسلام . وطبرية مدينة جليلة على جبل مطل ، وهي طويلة في ذاتها قليلة العرض في طولها نحو ميلين . قال اليعقوبي : وهي مدينة الأردن ، وهي في أصل جبل على بحيرة جليلة عذبة يخرج منها نهر الأردن المشهور وتحمل فيها الغلات إلى المدينة ، ويعمل بها من الحصر السامانيّة كل عجيبة وفيها حمّامات حامية من غير نار في الشتاء والصيف ، وبها عيون حارة يأتيها أصحاب البلاء من المقعدين والمفلوجين وأصحاب القروح فيقيمون بها في الماء ثلاثة أيام فيخرجون بارئين بإذن الله سبحانه وتعالى . وفي الخبر أن يأجوج ومأجوج يجتازون في خروجهم عليها