أهل الخورنق والسدير وبارق * والقصر ذي الشرفات من سنداد أرض تخيرها لطيب مقيله * كعب بن مامة وابن أم دواد جرت الريح على محل ديارهم * فكأنما كانوا على ميعاد سنابل : قرية بأرض عمان منها مازن بن الغضوبة الطائي وفد على النبي صلى الله عليه وسلم ، قالوا : وسبب إسلامه ووفوده على النبي صلى الله عليه وسلم وإقطاعه له أرض عمان ، قال : عترت يوماً عتيرة ، وهي الذبيحة ، فسمعت صوتاً من الصنم يقول : يا مازن أقبل أقبل فاسمع ما لا يجهل ، هذا نبي مرسل ، جاء بحق منزل ، فآمن به كي تعدل ، عن حر نار تشعل ، وقودها بالجندل . قال مازن : فقلت والله إن هذا لعجب ، ثم عقرت بعد أيام عتيرة أخرى ، فسمعت صوتاً أبين من الأول ، وهو يقول : يا مازن اسمع تسر ، ظهر خير وبطن شر بعث نبي من مضر ، بدين الله الأكبر ، فدع نحيتاً من حجر ، تسلم من حر سقر . قال مازن : فقلت إن هذا والله لعجب ، وإنه لخير يراد بي ، وقدم علينا رجل من أهل الحجاز فقلنا : ما الخبر وراءك . قال : خرج بتهامة رجل يقول لمن أتاه : أجيبوا داعي الله ، يقال له أحمد ، فقلت : هذا والله نبأ ما سمعت ، فثرت إلى الصنم فكسرته أجذاذاً ، وشددت راحلتي ورحلت حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فشرح لي الإسلام فأسلمت ، وأنشأت أقول : كسرت يا جر أجذاذاً وكان لنا * رباً نطيف به ضلاً بتضلال بالهاشمي هدانا من ضلالتنا * ولم يكن دينه منا على بال يا راكباً بلغن عمراً وإخوتها * أني لما قال ربي ياجر قال وقلت : يا رسول الله ، إني امرؤ مولع بالطرب وشرب الخمر وبالهلوك إلى النساء ، وألحت علي السنون فأذهبن الأموال وأهزلن الذراري والرجال ، وليس لي ولد ، فادع الله أن يذهب عني ما أجد ويأتني بالحيا ويهب لي ولداً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم أبدله بالطرب قراءة القرآن وبالحرام الحلال وأتهم بالحيا وهب له ولداً " ، فقال مازن : فأذهب الله عني كل ما أجد . وأخصبت عمان ، وتزوجت أربع حرائر ووهب الله تعالى لي حبان بن مازن وأنشأت أقول : إليك رسول الله سقت مطيتي * تجوب الفيافي من عمان إلى العرج لتشفع لي يا خير من وطئ الحصى * فيغفر لي ربي فأرجع بالفلج إلى معشر خالفت في الله دينهم * فلا رأيهم رأيي ولا شرجهم شرجي وكنت امرءاً بالدعب والخمر مولعاً * شبابي حتى آذن الجسم بالنهج فأصبحت همي في جهاد ونيتي * ولله ما صومي ولله ما حجي سنجار : هي برية الثرثار ، ومدينتها الحضر ، وهي كلها من الجزيرة ، وفي سنجار فوهة نهر الخابور ، ويمر حتى يصب في الفرات ، وهو الذي يقول فيه الشاعر : وأخو الحضر إذ بناه وإذ دج * لة تجبى إليه والخابور وفي سنة ست عشرة وستمائة مات صاحب سنجار قطب الدين أبو المظفر محمد بن عماد الدين زنكي فقام ابنه شاهنشاه مقامه ، فأساء السيرة ، فهرب كثير من أكابر الدولة إلى جاره الملك الأشرف بن العادل ، فوصلوا في خدمته إلى سنجار وحصره حتى استولى عليها وأخرجه فمات سليباً غريباً .