سلا : ببلاد المغرب ، بينها وبين مراكش على ساحل البحر تسع مراحل ، وهي مدينة قديمة أزلية ، فيها آثار للأول معروفة بضفة الوادي ، متصلة بالعمارة التي أحدثها هناك أحد ملوك بني عبد المؤمن ، وكان قد اتخذ أرباب البلد مدينة بالعدوة الشرقية ، وهي المعروفة الآن بسلا الحديثة ، وهي على ضفة البحر ، وسلا القديمة خراب الآن . وأما سلا الحديثة فهي منيعة من جهة البحر . لا يقدر أحد من أهل المراكب على الوصول إليها من جهته ، وهي حسنة في أرض رمل ، ولها أسواق نافقة وتجارات ودخل وخرج ، ولأهلها سعة أموال ، والطعام بها كثير رخيص جداً ، وبها كروم وغلات وبساتين ، ومراكب أهل إشبيلية وسائر المدن الساحلية من الأندلس يقلعون عنها ويحطون بها بضروب من البضائع ، ويقصدها أهل إشبيلية بالزيت الكثير ، ويتجهز منها بالطعام إلى سائر بلاد الأندلس الساحلية ، ومرساها مكشوف ، إنما ترسي المراكب الواردة عليها في الوادي وتجوزه بدليل لأن في فم الوادي حجارة وتروشاً تنكسر عليها المراكب ، فلا يدخلها إلا من يعرفها ، وهذا الوادي يدخله المد والجزر مرتين في كل يوم ، فإذا كان المد دخلت المراكب به إلى داخل الوادي وكذلك تخرج في وقت خروجها ، وفي هذا الوادي أنواع من السمك وضروب من الحيتان ، ولا يباع بها ولا يشترى لكثرته وجودته ، وكل شيء من المأكولات في مدينة سلا بأيسر القيمة . وكان يوسف بن عبد المؤمن أمر ببناء مدينة كبيرة متصلة بالقصبة التي كان أحدثها بها أمير المؤمنين وفيها جامع وقصور وصهاريج الماء ، أمام الجامع وهو مجلوب من نحو عشرين ميلاً ، وفي هذه المدينة المحدثة قيسارية عظيمة وحمام وفنادق وديار كثيرة ومياه مطردة وسقايات ومنافع أعدت لورود المحلات عليها ، إذ وضعها على المجاز والمعبر إلى مراكش ، وعلى هذا المعبر قنطرة مركبة على ثلاث وعشرين معدية ، مدت عليها أوصال الخشب وصلبت عليها الألواح والفرش الوثيق الذي لا يؤثر فيه الحافر ، تجوز عليه العساكر والمسافرون ، ويتصيد حوله أنواع السمك الشابل وغيره ، ويمد البحر فترتفع القنطرة ويغطي الجسر فتقوم عليه المراكب وترسي دونه الأجفان الكبار ، وقلما تسلم عند دخولها أو خروجها لصعوبة المدخل ، وهو مشهور عند أهل البحر ، ويقابله من مراسي بلاد الأندلس وادي شلب ، وبينهما في البحر يوم وليلة . وهذه البلدة وقت مرور المحلات عليها متفرج عظيم ، ولا سيما في الأعوام الخصبة والفصول المعتدلة ، وناهيك من ساحل طوله ميلان وعرضه نحو ميل ، والزوارق هناك بركابها والمنارة مطلة عليها . وعلقات الثمار وعقد الزيتون وقباب الجلوس للسادة هناك فهي إحدى متنزهات الدنيا . ومن صور رسالة كتب بها أبو العباس بن أمية وهو بسبتة إلى الفقيه أبي المطرف بن عميرة وكان إذ ذاك بسلا : حلوا سلا فسلي فؤادي هل سلا * النفس أنزع والصبابة أطوع بعدوا فهل لهم اضطلاع بالذي * حملته من كلف الغرام الأضلع وقال الفقيه أبو المطرف في فصل جواب هذه الرسالة : قد كان صفو العيش يدنو لو دنا * ثاو بسبتة من مقيم في سلا من بعدهم لم أرض ظلاً سجسجاً * كلا ولا استعذبت ماء سلسلا ولا أدري هل سلا هذه هي التي ذكر أنها على ضفة النيل وشماله ببلاد السودان أو هي غيرها ، فقالوا : سلى التي بضفة النيل مدينة حاضرة ، بها مجتمع السودان ، ومتاجرها صالحة وأهلها أهل بأس وعدة ، وهي من عمالة التكروري ، وهو سلطان له عبيد وأجناد ، وله حزم وجلادة وعدل مشهور وبلاد آمنة ، وموضع مستقره مدينة تكرور ، وهي في جنوبي النيل ، وبينها وبين سلى مقدار يومين في البحر وفي البر . سلاهط : جزيرة من جزر الهند بها صندل كثير وسنبل وقرنفل ، وصفة شجر القرنفل يشبه نبات شجر الحناء ونباته في دقة أغصانه وحمرته ، وله زهر يتفتح في كمام شبه شجر النارجيل سواء ، فإذا سقط الزهر جففوا تلك الكمام إلى أن تصلح فيخرجونه ويبيعونه للتجار الواردين عليهم فيتجهزون به إلى أقطار الأرض ، وفي آخر هذه الجزيرة بركان نار يتقد مقدار ارتفاعه مائة ذراع