وكيف بناؤه ؟ يريد القصر ، قال : دون منازل أهلي وفوق نازل الناس ، قال : وكيف مدينتك ؟ قال : عذبة الماء باردة الهواء طيبة الوطاء قليلة الأدواء ، قال : كيف ليلها ؟ قال : سحر كله . وذكر المسعودي إن الرقة هي عين البذندون التي مات فيها المأمون وأن مولده اقتضى أنه يموت بمكان يقال له الرقة فكان كذلك وحمل إلى طرسوس فدفن بها . رقادة : على أربعة أميال من قيروان إفريقية وكانت مدينة كبيرة دورها أربعة وعشرون ألف ذراع وأربعون ذراعاً ، وكانت أكثر بلاد إفريقية بساتين وفواكه ، وليس بإفريقية أعدل هواء من رقادة ولا أرق نسيماً ولا أطيب تربة ، ويقال إن من دخلها لم يزل ضاحكاً مستبشراً مسروراً من غير سبب كالذي يحكى عن أرض تبت ، وكان أحد ملوك الأغالبة أصابه أرق شديد أياماً فعالجه إسحاق المتطبب ، وهو الذي ينسب إليه الأطريفل ، فأمر الملك بالخروج والتنزه والمشي ، فلما وصل إلى موضع رقادة نام ، فسميت رقادة من يومئذ واتخذت موضع فرجة ومتنزهاً للملوك ، ويقال إن إبراهيم بن أحمد الأغلبي هو الذي بناها وجعلها دار مملكته ومسكنه ، قالوا : ومنع بيع النبيذ بالقيروان وأذن فيه في رقادة بسبب جنده وعبيده ، وقال بعض المجان في ذلك : يا سيد الناس وابن سيدهم * ومن إليه القلوب منقاده ما حرم الشرب في مدينتنا * وهو حلال بأرض رقاده وبرقادة بويع عبيد الله الشيعي ، ثم إن رقادة خربت وانتقل الناس عنها ولم يبق لها عين ولا أثر . الرقيم : قال الله تعالى : " أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً " قيل المعنى إنكار اعتقاد كون ذلك عجباً ، أي لا يعظم ذلك فإن سائر آيات الله تعالى أعظم من قصتهم وأعجب ، وهذا هو الأشهر ، وقيل يجوز أن يكون المراد : هل علمت أن أصحاب الكهف كانوا عجباً . بمعنى إثبات أنهم عجب ، والكهف : اللحف المتسع في الجبل ، فإن صغر فهو الغار ، والرقيم القرية التي كانت بإزاء الكهف ، وقيل الوادي الذي كان بإزائه وهو واد بين بيسان وأيلة دون فلسطين ، وقيل هو الجبل الذي فيه الكهف ، وقيل الصخرة التي كانت على الكهف ، هذا قول من جعله موضعاً وحيزاً ، والآخرون قالوا : هو كتاب مرقوم ، وكان عندهم فيه الشرع الذي تمسكوا به من دين عيسى أو غيره في لوح نحاس أو رصاص أو حجارة ، على اختلافهم في ذلك . وكانوا فتية في غابر الدهر فروا بدينهم ، فدخلوا كهفاً خائفين من ملكهم وكان عابد وثن . قالوا : مر ابن عباس رضي الله عنهما في بعض غزواته مع ناس على موضع الكهف وجبله فمشى الناس إليه فوجدوا عظاماً فقالوا : هذه عظام أهل الكهف ، فقال لهم ابن عباس رضي الله عنهما : أولئك قوم فنوا وعدموا منذ مدة طويلة ، فسمعه راهب فقال : ما كنت أحسب أن أحداً من العرب يعرف هذا ، فقيل له : هذا ابن عباس ابن عم نبينا صلى الله عليه وسلم ، فسكت . قال ابن عطية : وبالشام ، على ما سمعت من ناس كثير ، كهف فيه موتى يزعم مجاوروه أنهم أصحاب الكهف وعليهم مسجد وبناء يسمى الرقيم ومعهم كلب رمة . قال : وفي الأندلس في جهة أغرناطة بقرب قرية تسمى لوشة كهف فيه موتى ومعهم كلب رمة ، وأكثرهم قد انجرد لحمه وبعضهم متماسك وقد مضت القرون السالفة ولم نجد من علم شأنهم ويزعم ناس أنهم أصحاب الكهف ، قال : ودخلت إليهم ورأيتهم سنة أربع وخمسمائة وهم بهذه الحالة وعليهم مسجد وقريب منهما بناء رومي يسمى الرقيم كأنه قصر مخلق وقد بقي بعض جدرانه ، وهو في فلاة من الأرض خربة ، وبأعلى حضرة أغرناطة مما يلي القبلة آثار مدينة قديمة رومية يقال لها مدينة دقيوس وجدنا في آثارها غرائب وقبوراً . وقال المسعودي : قيصر فلبس هو الذي دعي إلى دين