قال : وكان سبب ذكره لها أنّ ابن أبي عتيق ذكرها عنده يوما فأطراها ، ووصف من عقلها وأدبها وجمالها ما شغل قلب عمر وأماله إليها ، فقال فيها الشعر وشبّب بها ، فبلغ ذلك ابن أبي عتيق ، فلامه فيه وقال له : أتنطق الشعر في ابنة عمّي ؟ فقال عمر : صوت < شعر > لا تلمني عتيق حسبي الذي بي إنّ بي يا عتيق ما قد كفاني لا تلمني وأنت زيّنتها لي أنت مثل الشيطان للإنسان إنّ بي داخلا من الحبّ قد أب لى عظامي مكنونه وبراني / لو بعينيك يا عتيق نظرنا ليلة السّفح قرّت العينان إذ بدا الكشح والوشاح من الدّ رّ وفصل فيه من المرجان [1] قد قلى قلبي النساء سواها غير ما قلت مازحا بلساني [2] < / شعر > / وأوّل هذه القصيدة : < شعر > إنّني [3] اليوم عاد لي أحزاني وتذكَّرت ما مضى من زماني وتذكَّرت ظبية أمّ رئم [4] هاج لي [5] الشوق ذكرها فشجاني < / شعر > غنّى أبو العبيس [6] بن حمدون في « لا تلمني عتيق . . . » لحنا من الثقيل الأوّل المطلق . وفيه رمل طنبوريّ مجهول .
[1] لم يرد هذا البيت بتلك القصيدة في « ديوانه » . والكشح : ما بين الحجبة - وهي رأس الورك الذي يشرف على الخاصرة - إلى الإبط . والوشاح : شبه قلادة ينسج من أديم عريض يرصع بالجواهر تشدّه المرأة بين عاتقيها . [2] ذكر في « ديوانه » صدر هذا البيت آخر وعجزه لبيت ثان هكذا : < شعر > لم تدع للنساء عندي نصيبا غير ما كنت مازحا بلساني وقلى قلبي النساء سواها بعد ما كان مغرما بالغواني < / شعر > [3] في « ديوانه » : < شعر > إنني اليوم عادني أحزاني وتذكَّرت ميعتي في زماني < / شعر > والميعة : أوّل الشباب وأنشطه . [4] الرثم : ولد الظبية . [5] في « ديوانه » : < شعر > صدع القلب ذكرها فشجاني < / شعر > [6] كذا في ت ، ح ، ر . وفي سائر النسخ : « أبو العنبس » . وقد تكرر ذكر هذين الاسمين كثيرا في « الأغاني » في أجزاء مختلفة ، وذكرهما السنيور جويدي مرتب فهرس « الأغاني » على أنهما علمان لشخصين مختلفين ، وذكر عمن ظنه أبا العبيس أنه غنى إبراهيم بن المدبّر ، وعمن حسبه أبا العنبس أنه أثنى على ألحان عبد اللَّه بن طاهر . والحقيقة أنهما علمان لشخص واحد ذكر في الأصل الذي نقلت عنه النسخة الأولى أبا العنبس ومرة أبا العبيس . ولا يبعد أن يكون اسمه أبا العبيس نودي به مصغرا تصغير ترخيم أبا العبيس . وكذلك تختلف النسخ التي بين أيدينا في أكثر المواضع التي ورد فيها هذا الاسم ؛ ففي الموضع الواحد يذكره بعضها أبا العبيس وبعضها أبا العنبس كما هنا . ومما يدل على أنهما علمان لشخص واحد أنه ورد ذكره في « الأغاني » ج 9 في أخبار إبراهيم بن العباس ونسبه أبا العبيس وأنه غنى في هذين البيتين : < شعر > فلو كان للشكر شخص يبين إذا ما تأمله الناظر لمثلته لك حى تراه فتعلم أنى أمرؤ شاكر < / شعر >