نام کتاب : الإسلام يتحدى نویسنده : وحيد الدين خان جلد : 1 صفحه : 46
في بداية القرن العشرين كنا كذلك نملك تلسكوبا ضعيفا ، فلما شاهدنا السماء بهذا المنظار وجدنا أجراما كثيرة كالنور ، فاستنبطنا انها سحب من البخار والغاز ، تمر بمرحلة قبل أن تصير نجوما . ولكنا حين تمكنا من صناعة منظار قوي ، وشاهدنا هذه الاجرام مرة ثانية علمنا ان هذه الاجرام الكثيرة المضيئة هي مجموعة من نجوم كثيرة شوهدت كالسحب . ، نتيجة البعد الهائل بينها وبين الأرض . وهكذا نجد ان التجربة والمشاهدة ليستا وسيلتي العلم القطعيتين ، وان العلم لا ينحصر في الأمور التي شوهدت بالتجربة المباشرة . لقد اخترعنا الكثير من الآلات والوسائل الحديثة للملاحظة الواسعة النطاق . ولكن الأشياء التي نلاحظها بهذه الوسائل كثيرا ما تكون أمورا سطحية ، وغير مهمة نسبيا . اما النظريات التي يتوصل إليها بناء على هذه المشاهدات فهي أمور لا سبيل إلى ملاحظتها . والذي يطالع العلم الحديث ، يجد ان أكثر آرائه تفسير للملاحظات وان هذه الآراء لم تجرب مباشرة ، ذلك أن بعض الملاحظات يحمل العلماء على الايمان بوجود بعض حقائق غير مشاهدة قطعية ، فأي عالم من علماء عصرنا لا يستطيع ان يخطو خطوة دون الاعتماد على ألفاظ مثل : القوة Force والطاقة Energy والطبيعة Nature وقانون الطبيعة Law of Nature ، وما إلى ذلك . ولكن هذا العالم لا يدري ما القوة والطاقة والطبيعة وقانونها ؟ فهو قد صاغ كلمات تعبر عن وقائع معلومة ، لكي يبين عن علل غير معلومة . وهذا العالم لا يقدر على تفسير هذه الألفاظ ، تماما كرجل الدين ، لا يستطيع تفسير صفات الاله ، وكلاهما يؤمن بدوره بعلل غير معلومة . * * * يقول الدكتور ( الكسيس كيرل ) : ان الكون الرياضي شبكة عجيبة من القياسات والفروض ، لا تشتمل على شئ غير معادلة الرموز ، الرموز التي تحتوي على مجردات لا سبيل إلى تفسيرها [1] والعلم الحديث لا يدعي ، ولا يستطيع ان يدعي ، ان الحقيقة محصورة فيما علمناه من التجربة المباشرة ، فالحقيقة ان الماء سائل . ونستطيع مشاهدة هذه الحقيقة بأعيننا المجردة . ولكن الواقع ان كل ( جزء ) من الماء يشتمل على ذرتين من الهيدروجين ، وذرة من الأوكسجين وليس من الممكن ان نلاحظ هذه الحقيقة العلمية ، ولو اتينا بأقوى ميكروسكوب في العالم ، غير أنها ثبتت لدى العلماء لايمانهم بالاستدلال المنطقي . * * *