نام کتاب : الإسلام يتحدى نویسنده : وحيد الدين خان جلد : 1 صفحه : 34
ان الاستدلال بقانون الانتخاب الطبيعي يفسر عملية ( بقاء الأصلح ) ، ولكنه لا يستطيع ان يفسر حدوث هذا الأصلح : [1] . ثانيا : اللاشعور ودليل علم النفس : لنعالج الآن الدليل الذي يقدمه علم النفس والقائل بان الاله والآخرة قياس للشخصية الانسانية واما نيها على مستوى الكون . ولست بمستطيع ان أدرك نقطة الاستدلال في هذا الدليل . ولو انني ادعيت بدوري ان الشخصية الانسانية وأمانيها موجودة فعلا على مستوى الكون فلست أدري ما عسى ان يبطل ادعائي هذا من منطق المعارضين ؟ ! نحن نعرف ان مادة ( الجنين ) التي لا تشاهد الا بالمنظار تنبئ في ذاتها عن انسان طوله 72 بوصة ، وان ( الذرة ) التي لا تقبل المشاهدة تحتوي نظاما رياضيا كونيا يدور عليه النظام الشمسي ، فلا عجب اذن ان يكون النظام الذي نشاهده على مستوى الانسان في الجنين ، وعلى مستوى النظام الشمسي في الذرة موجودا أيضا ، وبصورة أكمل على مستوى الكون . ان ضمير الانسان وفطرته ينشدان عالما متطورا كاملا ، فلو كان هذا الامل صدى لعالم حقيقي فلست أرى في ذلك أي ضرب من ضروب الاستحالة ! ! [1] لا شك في قول العلماء : ان الذهن الانساني يحتفظ بأفكار قد تظهر فيما بعد في صورة غير عادية . ولكن سوف يكون قياسا مع الفارق ان نعتمد على هذه الفكرة كي نبطل الدين . فهو قياس في غير محله ، وهو يعتبر استدلالا غير عادي من واقع عادي . فهو أشبه بمن يشاهد مثالا يصنع صنما فيصرخ : هذا هو الذي قام بعملية خلق الانسان . ومن معايب الفكر الحديث انه يستنبط من حادث عادي دليلا غير عادي ، فهذا الدليل لا وزن له من الناحية المنطقية ، ولو افترضنا ان رجلا يسير في شارع اخذ يهذي بكلام غريب نتيجة لأفكار مختزنة في ذهنه ، فهل يمكن ان نستغل هذا الحادث في البحث في كلام الأنبياء ، وهو الكلام الذي يكشف سر هذا الكون . . ؟ ؟ سوف يكون هذا الاستدلال غير علمي ، وغير منطقي ، ولسوف يدل على أن صاحبه يفتقر إلى القيم حتى يستطيع التفرقة بين كلام رجل الشارع وكلام الأنبياء ، فلا يدعي ان هذا الهذيان هو المسؤول عما جاء به الدين . فالقيم تتغير ذاتيا بتغير الأوضاع ، ومن الخطأ الظن بأنها لا توجد إلا عند أصحاب الفكر الحديث .