نام کتاب : أخبار الزمان نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 227
وصورت في جوانب الناووس صورته وزير عليها ذكر السنين التي غزا فيها والبلدان التي فتحها ، والمرأة التي غلبها ، وسدوا باب الناووس ، وزبروا اسمه ومدته عليه وتاريخ موته . وكان جميلا سمح الأخلاق ، وقتل جماعة من نسائه أنفسهن عليه واغتم عليه الكهنة لا تباعه دينهم . وملك بعده ابنه كلكلن الملك فعقد تاج الملك بعد موت أبيه بالإسكندرية وأقام بها شهرين ، ورجع إلى منف ، وكان على دين أبيه فاستبشر به أهل مصر لأنه كان يحب الكهنة وإظهار العجائب ويقرب أهلها ويكثر جوائزهم . ولم يزل يعمل طول عمره فخزن أموالا عظيمة ، ودفن منها بصحراء الغرب ما لا يوصف كثرة . وهو أول من أظهر صنع الكيمياء بمصر ، وكانت مكتومة ( وكان يطرح المثقال الواحد على القناطير من النحاس الكثيرة ، فيصنعها بإذن الله تعالى ذهبا ) [1] وكان الملوك قبله رأوا كتم عملها لئلا يجتمع عليها ملوك الأمم ، فترك كلكلن ذلك الرأي وعمل الكيمياء وملا دور الحكمة منها حتى لم يكن الذهب قط أكثر منه في أيامه ، ولا الخراج لأنه بلغ وقته فيما حكاه بعض القبط مائة ألف ألف وسبعة عشر ألف ألف ، واستغنوا في وقته عن إثارة المعادن لقلة حاجتهم إليها ، وعمل أيضا من الحجارة المسبوكة الضم الملون الذي ينشف شيئا كثيرا ( وعمل أيضا حجارة شفافة ملونة من الفيروزج والشيم والزبرجد وغيرها ) ( 1 ) . وتحكي القبط أنه اخترع أشياء تخرج عن العقل حتى سمعته ( الحكماء ) ( 1 ) حكيم الملوك ، وغلب جميع الكهنة في علمهم وكان يخبرهم بما يغيب عنهم فخافوه واحتاجوا إلى علمه .