نام کتاب : بداية الحكمة نویسنده : السيد الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 148
المجامع لوجوده بعد استناده إلى العلة . فكان مفهوم الحدوث مسبوقية الوجود بالعدم ، ومفهوم القدم عدم مسبوقيته بالعدم . والمعنيان من الأعراض الذاتية لمطلق الوجود ، فإن الموجود بما هو موجود ، إما مسبوق بالعدم ، وإما ليس بمسبوق به ، وعند ذلك صح البحث عنهما في الفلسفة . فمن الحدوث الحدوث الزماني ، وهو مسبوقية وجود الشئ بالعدم الزماني كمسبوقية اليوم بالعدم في أمس ، ومسبوقية حوادث اليوم بالعدم في أمس ، ويقابله القدم الزماني ، وهو عدم مسبوقية الشئ بالعدم الزماني ، كمطلق الزمان الذي لا يتقدمه زمان ولا زماني ، وإلا ثبت الزمان من حيث انتفى ، هذا خلف . ومن الحدوث الحدوث الذاتي ، وهو مسبوقية وجود الشئ بالعدم في ذاته ، كجميع الموجودات الممكنة التي لها الوجود بعلة خارجة من ذاتها ، وليس لها في ماهيتها وحد ذاتها إلا العدم . فإن قلت : الماهية ليس لها في حد ذاتها إلا الإمكان ، ولازمه تساوي نسبتها إلى الوجود والعدم وخلو الذات عن الوجود والعدم جميعا دون التلبس بالعدم ، كما قيل [1] . قلت : الماهية وإن كانت في [ حد ] ذاتها خالية عن الوجود والعدم ، مفتقرة في تلبسها بأحدهما إلى مرجح ، لكن عدم مرجح الوجود وعلته كاف في كونها معدومة ، وبعبارة أخرى : خلوها في حد ذاتها عن الوجود والعدم وسلبهما عنها إنما هو بحسب الحمل الأولي ، وهو لا ينافي اتصافها بالعدم حينئذ بحسب الحمل الشائع . ويقابل الحدوث بهذا المعنى القدم الذاتي ، وهو عدم مسبوقية الشئ بالعدم في حد ذاته ، وإنما يكون فيما كانت الذات عين حقيقة الوجود الطارد للعدم بذاته ، وهو الوجود الواجبي الذي ماهيته إنيته .