responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 685


لعظم الأمر وشق وفيما يقع فيه التذكر كفاية وأصل هذا وضع الحجاب بين العالم وبين الله في موطن التكليف إذ كانت المعاصي والمخالفات مقدرة في علم الله فلا بد من وقوعها من العبد ضرورة فلو وقعت مع التجلي والكشف لكان مبالغة في قلة الحياء من الله حيث يشهده ويراه والقدر حاكم بالوقوع فاحتجب رحمة بالخلق لعظيم المصاب ألا تراهم في الأمور المدبرة بالعقل الجارية على السداد العقلي إذا أراد الله إمضاء قضائه وقدره في أمر ما أخفى في ذلك الأمر حكمته وعلمه الذي أجراه له مما لا يقتضيه نظر العقل فإذا أمضاه رد عليهم عقولهم ليعلموا أن الله قد رحمهم بزوال العقل في ذلك الحين لرفع المطالبة قال صلى الله عليه وسلم إن الله إذا أراد نفاذ قضائه وقدره سلب ذوي العقول عقولهم حتى إذا أمضى فيهم قضاءه وقدره ردها عليهم ليعتبروا وقال صلى الله عليه وسلم رفع عن أمتي الخطاء والنسيان فلا يؤاخذهم الله به في الدنيا ولا في الآخرة فأما في الآخرة فمجمع عليه من الكل وأما في الدنيا فأجمعوا على رفع الذنب واختلفوا في الحكم وكذلك في الخطاء على قدر ما شرع الشارع في أشخاص المسائل فمن أفطر ناسيا في رمضان فطائفة أوجبت القضاء عليه مع رفع الإثم وقوم لم يوجبوا القضاء عليه مع ارتفاع الإثم أيضا فإن الله أطعمه وسقاه هذا قول الشارع فيه فهذا من الرحمة المبطونة فيه أعني في النسيان وكذلك ما نسي من القرآن ولم يتذكر فينقل إلينا فيكون زيادة علينا في التكليف فرحم عباده بذلك وقد كان صلى الله عليه وسلم يقول اتركوني ما تركتكم وقال لو قلت نعم للسائل عن الحج في كل عام لوجبت وكانت الأحكام تحدث بحدوث السؤال عن النوازل فكان غرض النبي صلى الله عليه وسلم حين علم ذلك أن يمتنع الناس عن السؤال ويجرون مع طبعهم حتى يكون الحق هو الذي يتولى من تنزيل الأحكام ما شاء فكانت الواجبات والمحظورات تقل وتبقي الكثرة في قبيل المباحات التي لا يتعلق بها أجر ولا وزر فأبت النفوس قبول ذلك وأن تقف عند الأحكام المنصوص عليها فأثبتت لها عللا وجعلتها مقصودة للشارع وطردتها وألحقت المسكوت عنه في الحكم بالمنطوق به بعلة جامعة بينهما اقتضاها نظر الجاعل المجتهد ولو لم يفعل لبقى المسكوت عنه على أصله من الإباحة والعافية فكثرت الأحكام بالتعليل وطرد العلة والقياس والرأي والاستحسان وما كان ربك نسيا ولكن بحمد الله جعل الله في ذلك رحمة أخرى لنا لولا إن الفقهاء حجرت هذه الرحمة على العامة بإلزامهم إياها مذهب شخص معين لم يعينه الله ولا رسوله ولا دل عليه ظاهر كتاب ولا سنة صحيحة ولا ضعيفة ومنعوه أن يطلب رخصة في نازلته في مذهب عالم آخر اقتضاه اجتهاده وشددوا في ذلك وقالوا هذا يفضي إلى التلاعب بالدين وتخيلوا أن ذلك دين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله تصدق عليكم فأقبلوا صدقته فالرخص مما تصدق الله بها على عباده وقد أجمعنا على تقرير حكم المجتهد وعلى تقليد العامي له في ذلك الحكم لأنه عنده عن دليل شرعي سواء كان صاحب قياس أو غير قائل به فتلك الرخصة التي رآها الشافعي في مذهبه على ما اقتضاه دليله قد قررها الشرع فيمنع المفتي من المالكية المالكي المذهب أن يأخذ برخصة الشافعي التي تعبده بها الشارع وإنما أضفناها إلى الشارع لأن الشرع قررها بمنعه مما يقتضيه الدليل في الأخذ به بأمر لا يقتضيه الدليل الذي لا أصل له وهو ربط الرجل نفسه بمذهب خاص لا يعدل عنه إلى غيره ويحجر عليه ما لم يحجر الشرع عليه وهذا من أعظم الطوام وأشق المكلف على عباد الله فالذي وسع الشرع بتقرير حكم المجتهدين من هذه الأمة ضيقه عوام الفقهاء وأما الأئمة مثل أبي حنيفة ومالك وأحمد بن حنبل والشافعي فحاشاهم من هذا ما فعله واحد منهم قط ولا نقل عنهم إنهم قالوا لأحد اقتصر علينا ولا قلدني فيما أفتيتك به بل المنقول عنهم خلاف هذا رضي الله عنهم ومما يتضمنه هذا المنزل الفرق بين تعلق علمه سبحانه بما يسره العبد في نفسه وبين ما يبديه ويظهره وهل يرجع ذلك إلى نسبة واحدة أو نسبتين ويتعلق بهذا الباب ما يريده الحق بقوله تعالى من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم فهاتان حالتان في الذكر والعلم فاعلم إن للحق سبحانه غيبا ومظهرا فبما هو غيب له الاسم الباطن وهو ذكره عبده في نفسه وعلمه بما يسره ومع ذلك الاسم يكون سر العبد الذي يعلمه الحق وذكر النفس الذي يذكر العبد به ربه وبما له المظهر من الاسم الظاهر وهو ذكره تعالى عبده في ملأ من ملائكته أو ملأ الأسماء الإلهية وعلمه بما يبديه العبد في عالم الشهادة ومع ذلك الاسم يكون علانية

685

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 685
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست