responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 668


قد تكون في الجسم على التساوي في القوة وهو سبب بقاء ذلك الجسم وقد لا تكون في الجسم على السواء في القوة فتكون العلل لذلك الجسم مستصحبة وحالات الأمراض تنقلب عليه بحسب غلبة بعضها على بعض فإن أفرطت كان الموت وإفراطها منها فإن السبب الموجب لإفراطها إنما وقع منها بمأكول يأكله الإنسان أو الحيوان فما يكون الغالب في ذلك المأكول أو المباشر يزيد في كمية ما يناسبه من الجسم إن كان حارا قوي الحرارة وإن كان باردا قوي البرودة وكذلك ما بقي ثم إنه لما ألف بين هذه الأربعة لم يظهر إلا أربعا ولا قبلت إلا أربعة وجوه فإن حقائق تلك التجليات الأربعة أعطت أن لا تأتلف من هذه الأربع إلا وزنها في العدد ولهذا كانت منها المنافرة من جميع الوجوه والمناسبة كما ذكرناه في الإلهيات في أول هذا الباب وتلك الحقيقة الإلهية حكمت على العالم أن يكون بتلك المثابة إذ كان المعلوم على صورة العلم وعلمه ذاته فافهم فالمنافرة كالحرارة والبرودة وكذلك الرطوبة واليبوسة فلذلك لا تجتمع الحرارة والبرودة ولا الرطوبة واليبوسة في حكم أبدا وأوجد الله العناصر أربعة عن تأليف هذه الطبائع فكان النار عن الحرارة واليبوسة ثم لم يجعل ما يليه ما ينافره من جميع الوجوه بل جعل إليه ما يناسبه من وجه وإن فارقه من وجه فكان الهواء له جارا بما يناسبه من الحرارة وإن نافره بالرطوبة فإن للوساطة أثرا وحكما لجمعها بين الطرفين فقويت على المنافرة لهما فالهواء حار رطب فبما هو حار يستحيل إلى النار بالمناسب وغلب الوساطة وبما هو رطب يستحيل إلى الماء بالمناسب ثم جاور الهواء من الطرف الأسفل الماء فقبل الهواء جوار النار للحرارة وقبل جوار الماء للرطوبة وإن نافره بالبرودة كما نافره الهواء بالحرارة وكذلك جاور بين التراب وبين الماء للبرودة الجامعة لمجاورتهما فما ظهر عنها إلا أربعة لذلك الأصل وكذلك الجسم الحيواني المولد جعل أثر النار فيه الصفراء وأثر الهواء الدم وأثر الماء البلغم وأثر التراب السوداء فركب الجسم على أربع طبائع وكذلك القوي الأربعة الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة وكذلك قرن السعادة والشقاء بالأربعة باليمين والشمال والخلف والأمام لأن الفوقية لا يمشي الجسم فيها بطبعه والتحتية لا يمشي فيها الروح بطبعه والإنسان والحيوان مركب منهما فما جعلت سعادته وشقاوته إلا فيما يقبله طبعه في روحه وجسمه وهي الجهات الأربع وبها خوطب ومنها دخل عليه إبليس فقال ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولم يقل من فوقهم ولا من تحتهم لما ذكرناه فإبليس ما جاءه إلا من الجهات التي تؤثر في سعادته إن سمع منه وقبل ما يدعوه إليه وفي شقاوته إن لم يسمع منه ولم يقبل ما دعاه إليه فسبحان العليم الحكيم مرتب الأشياء مراتبها وهكذا فعل العالم الجسماني العلوي فجعل البروج التي جعل الأحكام عنها في العالم على أربع نارية وترابية وهوائية ومائية وكذلك جعل أمهات المطالب أربعة هل وما ولم وكيف وكذلك أمهات الأسماء المؤثرة في العالم وهو العالم والمريد والقادر والقائل فعلمه بكونه يكون في وقت كذا على حالة كذا دون ذلك لا يمكن فهذا العلم علق الإرادة بتعين ذلك الحال فالقائل علق القدرة بإيجاد تلك العين فعلم فأراد وقال فقدر فظهرت الأعيان عن هذه الأربعة فالحرارة للعلم واليبوسة للإرادة والبرودة للقول والرطوبة للقدرة فللحرارة التسخين ولليبوسة التجفيف وللرطوبة التليين وللبرودة التبريد قال تعالى ولا رطب ولا يابس فذكر المنفعلين دون الفاعلين لدلالتهما على من كانا منفعلين عنهما وهما الحرارة انفعل عنها اليبوسة وكذلك البرودة انفعل عنها الرطوبة فانظر ما أعطته هذه التجليات بحصرها فيما ذكرناه وكذلك العالم سعيد مطلق وشقي مطلق وشقي ينتقل إلى سعادة وسعيد ينتقل إلى شقاوة فانحصرت الحالات في أربع ومنه الأول والآخر والظاهر والباطن وما ثم خامس وهذه نعوت نسبته مع العالم ومراتب العدد أربعة لا خامس لها وهي الآحاد والعشرات والمئات والآلاف ثم يقع التركيب وتركيبها كتركيب الطبائع لوجود الأركان سواء واعلم يا أخي أنه ليلة تقييدي لبقية هذا المنزل من بركاته رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد استلقى على ظهره وهو يقول ينبغي للعبد أن يرى عظمة الله في كل شئ حتى في المسح على الخفين ولباس القفازين وكنت أرى في رجليه صلى الله عليه وسلم نعلين أسودين جديدين وفي يديه قفازين وكأنه يشير إلي مسرورا بما وضعته في هذا المنزل من العلم بما يستحقه جلال الله ثم يقول ما دام البدر طالعا فالنفوس في البساتين نائمة وفي جواسقها آمنة فإذا كان الظلام ولم يطلع

668

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 668
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست