نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 663
فللحاكم إن يفصل عليه الأمر لما فيه من الإجمال ليترتب الحكم على التعيين فيقول له حين أعطيته هذه الهدية ما ابتغيت بها هل ابتغيت بها جزاء من الجنة أو معاوضة في الدنيا أو ابتغيت بها وجه الله فإن قال الخصم ابتغيت بها الأجر في الآخرة من الجنة أو المعاوضة في الدنيا حكم على المعطي إياه برد عين ما أخذه منه إن كانت عينه باقية وإن كانت العين قد ذهبت حكم له بالقيمة على الخلاف في ذلك هل تعتبر القيمة في الشئ في زمان العطاء أو في زمان القضاء وإن قال إنما أعطيتها ابتغاء وجه الله لم يحكم له بشئ في ذلك وقال ليس بيد صاحبك ما قصدته بهديتك فمن وجه أثبته عوضا عنها فيما يظهر فإنه لم يصرح مالك بأكثر من هذا ومن وجه ينفي أن يكون عوضا فإنه لا يماثله في القدر شئ من مخلوقاته والكل نعمته غير أنه المعاوضة على الله لهذا المعطي في الدار الآخرة مما يناسب هديته فإن زاد على ذلك فمن باب المنة وقد قيل لكل شئ إذا فارقته عوض وليس لله إن فارقت من عوض والتحقيق في هذه المسألة أن الحق من حيث ذاته ووجوده لا يقاومه شئ ولا يصح أن يراد ولا يطلب لذاته وإنما يطلب الطالب ويريد المريد معرفته أو مشاهدته أو رؤيته وهذا كله منه ليس هو عينه وإذا كان منه لا عينه فقد يصح أن يكون عوضا فيكون عمله في الدنيا الذي هو الحضور مع الله في قوله اعبد الله كأنك تراه فيكون هذا العمل جزاؤه عند الله رؤيته وهي أرفع المنازل فهي للحاضر هنا في عمله جزاء وهي لغير الحاضر زيادة ومنة فهو عند هذا ليس عوضا وهو عند الآخر عوض فيكون الحضور في الدنيا من الجود المطلق من عين المنة وتكون الرؤية من الجود المقيد جزاء بما أوجبه على نفسه فمن جوده شهدت جوده فما خرج عنه شئ ولا أوجب مخلوق عليه شيئا لا إله إلا هو العزيز الحكيم فإذا أعطى العبد ابتداء لغيره لا جزاء يستحقه ذلك الغير فيكون هذا المعطي لأجل ذلك الاستحقاق تحت قيد الحق فيكون عطاه مثل هذا لا عن استحقاق لا يطلب بذلك إلا وجه الله سواء طلبه بنيته أو لم يطلبه فإن حالة العطاء المبتدأ يعطي ذلك فإنه اتصف فيه بصفة الحق من الجود المطلق حيث لم يكن عطاؤه جزاء ولما كان حاله هذا فكما إن الله تعالى يطلب الجزاء على ما أمتن به من النعم على عباده وهو الشكر عليها ومعرفة النعم منه ويجازي هو على ذلك الشكر وعلى تلك المعرفة كذلك يعطى هذا العبد المنعم على غيره ابتداء إطلاق لسان المنعم عليه بالشكر والثناء عليه ثم يتولى الله جزاءه به لا بالجنة حتى اتصف بهذا العطاء بصفته تعالى فهذا قد أبنت محتملات ما يتضمنه هذا المنزل والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ( الباب الثالث والتسعون ومائتان في معرفة منزل سبب وجود عالم الشهادة وسبب ظهور عالم الغيب من الحضرة الموسوية ) إذا ما الشمس كان لها شعاع * فذاك النور من قبلي أتاها إذا ما الموت حل بكل نفس * فذاك الموت من رب براها إذا ما جنة المأوى تجلت * مزينة إلينا في حلاها نعمنا بالرياح لما حوته * من الطيب الممسك في شذاها وإن طمست نجوم في سماء * فذاك الطمس أورثها زهاها وإن دخلت نفوس في نفوس * فإن دخولها فيها مناها وعمار القفار لها شرود * من الصيد الذي يفنى ذماها ولو أن الرسول يرى نفوسا * ترد رسالتيه لما أتاها ولو عرضت عليه الحجب عما * يجئ به المنازع ما أباها ولو أن الجواري سابحات * إلى أمد لحقق منتهاها ولو أن الليالي مرسلات * غدائرها لما شقوا دجاها ولو أن الصباح يرى وجوها * منورة الجوانب من ضحاها
663
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 663