responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 662


بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا دنيا وآخرة والعالم المحقق لما هو الأمر في عينه يتفرج في ذاته وفي العالم ظاهره وباطنه فهو العين المصيبة وهو المثل المنزه المنصوص عليه الذي نفى الحق أن يماثل أو يقابل بقوله تعالى ليس كمثله شئ أي ليس مثل مثله شئ فالكاف كاف الصفة ما هي زائدة كما يرى بعضهم فبعض العلماء يرى في ذلك أن لو فرض له مثل لم يماثل ذلك المثل فأحرى إن يماثل هو في نفسه وعند بعضهم نفي المثل عن المثل المحقق الذي ذكرناه سئل الجنيد عن المعرفة والعارف فقال لون الماء لون إنائه فأثبت الماء والإناء فأثبت الحرف والمعنى والإدراك ونفى الإدراك ففرق وجمع فنعم ما قال وبعد أن أبنت لك عن مرتبة الاصطلام اللازم فلنبين لك ما بقي من هذا المنزل وهو العلم بالجود الإلهي الخارج عن الوجوب وهل يكون الحق عوضا ينال بعمل خاص أم لا فاعلم إن لله جودا مقيدا وجودا مطلقا فإنه سبحانه قد قيد بعض جوده بالوجود فقال كتب ربكم على نفسه الرحمة أي أوجب وفرض على نفسه الرحمة لقوم خواص نعتهم بعمل خاص وهو أنه من عمل منكم سوء بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم فهذا جود مقيد بالوجوب لمن هذه صفته وهو عوض عن هذا العمل الخاص والتوبة والإصلاح من الجود المطلق فجلب جوده بجوده فما حكم عليه سواه ولا قيده غيره والعبد بين الجودين عرض زائل وعرض ماثل قال سهل بن عبد الله عالمنا وامامنا لقيت إبليس فعرفته وعرف مني أني عرفته فوقعت بيننا مناظرة فقال لي وقلت له وعلا بيننا الكلام وطال النزاع بحيث إن وقفت ووقف وحرت وحار فكان من آخر ما قال لي يا سهل الله عز وجل يقول ورحمتي وسعت كل شئ فعم ولا يخفى عليك إني شئ بلا شك لأن لفظة كل تقتضي الإحاطة والعموم وشئ أنكر النكرات فقد وسعتني رحمته قال سهل فوالله لقد أخرسني وحيرني بلطافة سياقه وظفره بمثل هذه الآية وفهم منها ما لم نفهم وعلم منها ومن دلالتها ما لم نعلم فبقيت حائرا متفكرا وأخذت أتلو الآية في نفسي فلما جئت إلى قوله تعالى فيها فسأكتبها الآية سررت وتخيلت أني قد ظفرت بحجة وظهرت عليه بما يقصم ظهره وقلت له يا ملعون إن الله قد قيدها بنعوت مخصوصة يخرجها من ذلك العموم فقال فسأكتبها فتبسم إبليس وقال يا سهل ما كنت أظن أن يبلغ بك الجهل هذا المبلغ ولا ظننت إنك هاهنا ألست تعلم يا سهل أن التقييد صفتك لا صفته قال سهل فرجعت إلى نفسي وغصصت بريقي وأقام الماء في حلقي ووالله ما وجدت جوابا ولا سددت في وجهه بابا وعلمت أنه طمع في مطمع وانصرف وانصرفت ووالله ما أدري بعد هذا ما يكون فإن الله سبحانه ما نص بما يرفع هذا الإشكال فبقي الأمر عندي على المشيئة منه في خلقه لا أحكم عليه في ذلك بأمد ينتهي أو بأمد لا ينتهي فاعلم يا أخي أني تتبعت ما حكي عن إبليس من الحجج فما رأيت أقصر منه حجة ولا أجهل منه بين العلماء فلما وقفت له على هذه المسألة التي حكى عنه سهل ابن عبد الله تعجبت وعلمت أنه قد علم علما لا جهل فيه فهو أستاذ سهل في هذه المسألة وأما نحن فما أخذناها إلا من الله فما لإبليس علينا منة في هذه المسألة بحمد الله ولا غيرها وكذا أرجو فيما بقي من عمرنا وهي مسألة أصل لا مسألة فرع فإبليس ينتظر رحمة الله إن تناله من عين المنة والجود المطلق الذي به أوجب على نفسه سبحانه ما أوجب وبه تاب على من تاب وأصلح فالحكم لله العلي الكبير عن التقييد في التقييد فلا يجب على الله إلا ما أوجبه على نفسه فالعارف كذلك في جوده لا يتقيد ولا يعطي واجبا يجب عليه فإن وجوب العطاء إنما سببه الملك ولا ملك للعارف مع الله فالمال الذي بيد العارف هو لله ليس له والزكاة تجب في عين المال على رب المال ولا رب له سواه سبحانه فقد أوجب على نفسه أن يخرج من هذا المال مقدارا معينا هو حق لطائفة من خلقه أوجبه لهم على نفسه في هذا المال الذي بيد العارف فيخرج العارف من هذا المال حق تلك الطائفة نيابة عن رب المال كما يخرج الوصي عن اليتيم بحكم الوكالة فإنه وليه ومن هذا الباب زلت طائفة في كشفها لهذا المقام فلم تؤد زكاة ما بيدها من المال ورأيت منهم جماعة مع كونهم يخرجون ما هو أكثر من الزكاة ولا يزكونه ويقولون إن الله تعالى لا يجب عليه شئ وهذا المال لله ليس لي ويدي فيه عارية وأنا في هذه المسألة حنفي المذهب فكما لا يجب على ولي اليتيم إخراج الزكاة عن اليتيم لأن اليتيم لا تجب عليه الزكاة في ماله لأنه المخاطب فلا أزكيه فقد بينت لك وفقك الله الجود الإلهي وتقسيمه وأما هل يكون الحق عوضا لعمل خاص أم لا فاعلم إن مالك بن أنس رضي الله عنه يقول في الرجل يعطي الرجل هدية ثم إن المعطى له لا يكافئه فيطلبه بالمكافأة عند الحاكم

662

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 662
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست