نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 655
يقع من الناس في غالب الأوقات وذلك أن الجاهل إذا جاء ليسأل العالم في أمر لا يعلمه من الوجه الذي يسأل عنه ويعلم منه قدر الوجه الذي دعاه إلى السؤال عنه كمن سمع حسا من خلف حجاب فيعلم قطعا إن خلف الحجاب أمرا لا يدري ما هو أو لا يدري محل ذلك الحس ولعله ليس خلف ذلك الستر فيسأل من يعلم محل ذلك الستر هل خلفه ما يمكن أن يحس أم لا وإذا كان فما هو فيتصور السؤال من السائل عما لا يعلم لوجه ما معلوم عنده يتضمن ما لا يعلم إلا بعد السؤال عنه وعلى هذا المقام أورد بعض النظار أشكالا وبهذا القدر ينفصل عن ذلك الإشكال وليس كتابنا مما قصد به النسب الفكرية النظرية وإنما هو موضوع للعلوم الوهبية الكشفية فجرت العادة عند العلماء القاصرين عما ذكرناه أن المتعلم السائل إذا جاء ليسأل العالم عن أمر لا يعلمه فإن كانت المسألة بالنظر إلى حالة السائل عظيمة قال له لا تسأل عما لا يعنيك وهذا ليس قدرك وتقصر عن فهم الجواب على هذا السؤال وليس الأمر كذلك عندنا ولا في نفس الأمر وإنما القصور في المسؤول حيث لم يعلم الوجه الذي تحتمله تلك المسألة بالنظر إلى هذا السائل فيعلمه به ليحصل له الفائدة فيما سأل عنه ويستر عنه الوجوه التي فيها مما لا يحتمله عقله ولا يبلغ إليه فهمه فيسر السائل بجواب العالم ويصير عالما بتلك المسألة من ذلك الوجه وهو وجه صحيح إن فات علمه للعالم الفهم الفطن فقد فاته من المسألة بقدر ذلك الوجه فاستوى الفهم الفطن مع القدم في عدم استيعاب وجوه تلك المسألة فما سأل سائل قط في مسألة ليس فيه أهلية لقبول جواب عنها ولقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الباب في تأديب الصحابة ما يتأدب به في ذلك وذلك أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين ظهراني أصحابه فقال يا رسول الله إني أسألك عن ثياب أهل الجنة أخلق تخلق أم نسيج تنسج فضحك الحاضرون من سؤاله فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أتضحكون أن جاهلا سأل عالما يا هذا الرجل إنها تشقق عنها ثمر الجنة فأجابه بما أرضاه وعلم أصحابه الأدب مع السائل فأزال خجله وانقلب عالما فرحا وقال الله تعالى وأما السائل فلا تنهر فعمم وإن كان المقصود في سبب نزولها السؤال في العلم لأنه تعليم لحال سابق كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قوله ووجدك ضالا فهدى أي حائرا فأبان لك عن الأمر فأما السائل إذا جاءك يسألك فإنما هو بمنزلتك حين كنت ضالا فلا تنهره كما لم أنهرك وبين له كما بينت لك كما قال له تعليما لحال سبق له في قوله ألم يجدك يتيما فآوى فلم يذلك ولا طردك بالقهر ليتمك وكسرك فأما اليتيم إذا وجدته فلا تقهره والطف به وآوه وأحسن إليه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أدبني فحسن تأديبي فينبغي لنا أن نتبع الآداب الإلهية التي أدب الله سبحانه بها أنبياءه مثل هذا ومثل قوله لنوح إني أعظك أن تكون من الجاهلين فرفق به في قوله أعظك لشيخوخته وكبر سنه ومخاطبة الشيوخ لها حد ووصف معلوم ومخاطبات الشباب لها حد معلوم وقال في حق محمد رسوله صلى الله عليه وسلم فلا تكونن من الجاهلين فأين ذلك اللطف من هذا القهر فذلك لضعف الشيخوخة وذا القوة الشباب وأين مرتبة الخمسين سنة من رتبة خمسمائة وأزيد فوقع الخطاب على الحالات في أول الرسل وهو نوح وفي آخرهم وهو محمد صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الأنبياء ومن الآداب الإلهية كل ما ورد في القرآن من افعل كذا ولا تفعل كذا فانظره في القرآن تحط بالأدب الإلهي فاستعمله توفق إن شاء الله والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ( الباب الثاني والتسعون ومائتان في معرفة منزل اشتراك عالم الغيب وعالم الشهادة من الحضرة الموسوية ) الليل يستر ما في الغيب من عجب * والشمس تظهر ما الأظلام يستره والشخص إن كان أنثى ليس يذكره * حتى إذا جاءت الأخرى تذكره والجود أصل وضد الجود ليس بذي * أصل ولكن عين الجود تظهره لا شئ يغنيك غير الله فارض به * ربا ولا تك ممن ظل يضمره وقم به علما في رأس رابية * وإن شهدت هلالا فهو يبدره وإن دعاك الهوى يوما لمنقصة * فإن داعيه عن ذاك يزجره عطاؤه منه أولى وآخرة * وليس عن عوض كذاك أذكره
655
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 655