responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 635


أم لا فعندنا إنه نافع وعند غيرنا إنه غير نافع وإنما وقع الخلاف في مثل هذه المسألة بوجود الكشف عند الواجد وعدم الكشف عند المخالف مع الاستناد إلى أمر معارض إما عقلي وإما سمعي ثم إن الله تعالى أمر عباده بالإقامة على ما خلقهم له من الذلة والافتقار إليه ببواطنهم عامة وبظواهرهم على طريقة مخصوصة بينها لهم الشارع وهي جميع الأفعال المقربة إلى الله سواء اقترنت بها في الصورة الظاهرة عزة أو ذلة وربوبية أو عبودية بخلاف الباطن فإن الباطن يجري على الأمر المحقق الذي هو في نفسه عليه والظاهر يجري على ما تقتضيه المصلحة في الوقت بك أو بغيرك فإن ظهر ربوبية وعزة في ظاهر العبد العارف كما ذكرناه لمصلحته فإن الميل في الباطن إلى الذلة والعبودية موجود عنده وهو المعتمد عليه وذلك عارض ولا سيما في موطن التكليف ومن هذا المنزل ينشئ العبد الأعمال صورا قائمة يكون فيها خلاقا بالفعل ولكن مما يقع له به السعادة عند الله فلا يزال ينشئ تلك الصورة حتى يراها قائمة بين يديه حسا ينظر إليها ويفرح بها وجميع ما يظهر من تلك الصورة مما تقتضيه السعادة فإنما هو لمنشئ هذه الصورة وهو هذا العبد فهي له كرأس المال وما يكون عنها كالأرباح والأرباح إنما تعود منفعتها على رب المال لا على نفس المال ومن هذا المنزل أيضا يظهر الجود الذاتي الذي لا يمكن دفعه لا اختيار للعبد فيه فيعطي من نفسه لربه ما سأله فيه إن يعطيه مما لو لم يسأله فيه لا عطاه إياه وهذا من كرم الله حيث علم أنه لا بد أن يعطيه ذلك لأنه أمر تقتضيه ذاتك فسألك في ذلك أن يجازيك على امتثال أمره في ذلك كما سألك فيما يمكن أن تعطيه وفيما يمكن أن تأباه فأجري هذا مجرى هذا جودا منه وليقوم جزاء ما أعطيته عن أمره مما هو عطاء ذاتي في مقابلة ما منعته وخالفت فيه أمره مما ليس هو عطاء ذاتيا بل إمكانيا وهي جميع الأعمال المشروعة فلهذا أمرك بما لا يمكنك الانفكاك عنه كما لا يمكن للسراج أن يمنع ضوءه ولكن يتصور أن يقال له أعط الأبصار ضوءك ليدركوا به الأشياء فتجازي من حيث ذلك وذلك أن تعلم أن حضرة كن تتضمن روحا وجسما وقد يرتبطان وقد لا يرتبطان فإذا ارتبطا كان هذا الجسم حيا على هذه الصورة من الكاف والواو والنون وإذا كان حيا انفعل عنه ما يتوجه عليه لارتباط الروح به وهو الأذن الإلهي كالنفخ من عيسى عليه السلام في الطائر مقارنا للاذن الإلهي الذي هو النفخ الإلهي فاندرج النفخ الأذني الإلهي الذي به حيي الطائر وارتبط روحه في النفخ الجسماني القائم بعيسى فإذا وجد جسم كن من غير ارتباط الروح به لم يكن عنه شئ أصلا إذ الميت لا يضاف إليه فعل أصلا ولا يقوم لعقل فيه شبهة بخلاف الحي والصورة الجسمية فيهما واحدة وإذا انفرد روح كن دون جسميته انفعلت عنه الأشياء ومن جملة الأشياء جسمية كن الذي هو في عالم الحروف فإذا علمت ما أوضحناه لك في هذا الكلام وقفت على أمر عظيم من قوله تعالى إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ذلك الأمر ولا بد ويقول الحق سبحانه لعباده في كلامه العزيز أقيموا الصلاة واصبروا وصابروا ورابطوا وجاهدوا ولا يقع شئ من ذلك لأنه قال لهم اخلقوا وليس من شأنهم أن يخلقوا فتعلق بهم جسم كن لا روحها فكانت ميتة يحرم عليهم استعمالها فإذا تعلق الأذن الإلهي الذي هو كن الحية بإيجاد عين الجهاد أو الرباط أو الصلاة أو أي شئ كان من أفعال العباد تكون في حين التوجه علينا وليس من شأن الأفعال أن تقوم بنفسها فكانت الصلاة تظهر في غير مصل والصيام في غير صائم والجهاد في غير مجاهد وهو لا يصح فلا بد من ظهورها في المجاهد والمصلي وغير ذلك فإذا ظهرت فيه نسب الله الفعل إليه وجازاه عليه منة منه وفضلا لأنه ما ظهر عين الصلاة إلا في المصلي فلو لم ينسب الفعل إليه لكان قد حافى الخطاب والتكليف ومباهتة للحس وكان لا يوثق بالحس في شئ فحسم الله هذا الأمر بما نسب من هذه الأفعال لمن أظهرها فيه وأضافها إليه وأمرهم بها وليس خلقها لهم وإنما ذلك إلى الله تعالى فانظر ما أعجب هذا الأمر مع ما يتضمنه من التناقض المحقق والايمان بالطريقتين المتناقضتين فيه واجب والاطلاع عليه من باب الكشف مع وجود الايمان به تأييد عظيم وقوة لمن أعطى ذلك فإن في هذا الموطن زل كثير من أهل الكشف وهو قوله وأضله الله على علم والعلم كان لا ينبغي أن يصاحبه الضلال ولا يستلزمه وهنا قد وجد فيه ذلك فلا يخلو إما أن ضل بعلم أو لا بعلم والأمر فيه إشكال ثم إن هذا المنزل يتضمن الجزاء على الأعمال يعني جزاء من ذكرناه في هذا المنزل من الكاتمين لأسرار الحق الذين أمنهم الله عليها مما لا يظهرونها إلا عن إذن إلهي ومن ذكرناه

635

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 635
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست