responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 629


إن اليقين عبارة عن استقرار العلم في النفس والاستقرار ما هو عين المستقر بل الاستقرار صفة للمستقر وهي حقيقة معنوية لا نفسية فليست عين نفس العلم فجازت الإضافة وإنما قلنا إن الجاهل قد يتصف بالعلم فيما هو جاهل به فهو قوله تعالى فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى فذكر اعلم في الصنفين إنما شرحنا بهذا الكلام ما قلناه في شعرنا فهو يتضمن شرح ما في هذا المنزل فلهذا أوردناه فلنرجع لي ما يعطيه هذا المنزل فنقول والله المؤيد اعلم أن من هذا المنزل تسبيح الحصى في كف النبي صلى الله عليه وسلم ومن هذا المنزل أكله كتف الشاة ومن هذا المنزل حبه جبل أحد ومن هذا المنزل سلم عليه الحجر ومنه يشهد للمؤذن مدي صوته من رطب ويابس ومنه هرب الحجر بثوب موسى عليه السلام حتى أبصرت بنو إسرائيل عورته بريئة مما نسبوا إليه فقال فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها ومنه قالت السماوات والأرض لما تعلق بهما الأمر الإلهي أتينا طائعين ولما كان طلب حمل الأمانة عرضا لا أمرا لهذا أبت القبول لعلمها أنها تقع في الخطر فلا تدري ما يؤول إليه أمرها في ذلك وحكم هذا المنزل في الشرع واسع فلنذكر بتأييد الله بعض ما يتضمنه هذا المنزل إن شاء الله تعالى فأول علم يتضمنه هذا المنزل علم الحركات المعقولة والمحسوسة فاعلم إن الحركات وهي المعاني التي تكون عنها الانتقالات واختلف أصحابنا فيها هل هي ذوات موجودة في عينها أم هي نسب وهي عندنا نسب وهذه النسب تعطي من الأحكام بحسب ما تنسب إليه فلها نسبة في المتحيزات تخالف نسبتها في غير المتحيزات ونسبة في الأجسام تخالف نسبتها في الجواهر وما من موجود إلا ولها فيه نسبة خاصة وإن كانت نسبة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل ربنا إلى السماء الدنيا في الثلث الباقي من الليل وهو موصوف سبحانه بأنه على عرشه مستو بالمعنى الذي أراده وهو سبحانه معكم أينما كنتم كما يليق به وهو أقرب من حبل الوريد إلينا وهو تعالى في العماء ما فوقه هواء وما تحته هواء فهذا كله يدلك على ما يراد بالانتقالات فقد يكون ظهور حكم صفة على صفة وقد يكون الانتقال من حال إلى حال وقد يكون من حيز إلى حيز وقد يكون من مكان إلى مكان وقد يكون من منزلة إلى منزلة فقد أعلمتك أن الانتقال سار في جميع الموجودات على ما تستحقه ذواتها فتختلف كيفيات النسب وكله راجع إلى حكم الحركة ومن هذا الباب قوله تعالى سنفرغ لكم أيه الثقلان وقوله كل يوم هو في شأن ثم لتعلم بعد أن قررنا هذا أن الحركة في المتحركات على قسمين طبيعية وهي كالنمو في الناميات وعرضية والعرضية اختيارية وغير اختيارية فالاختيارية لا توجد إلا في الحيوان وغير الاختيارية تكون في الحيوان وغيره وقسرية وهي التي تقع من غير المتحرك سواء اقتضاها طبعه أو لم يقتضها طبعه فالجماد والنبات الحركة القسرية فيه لا يقتضيها طبعه وغير الجماد تكون فيه على خلاف ما يقتضيه اختياره وقد يكون المحرك من جنس المحرك وقد لا يكون وقد تكون الحركة قسرية عن حركة قسرية وقد تكون لا عن حركة قسرية فالأولى كتحريك الرياح الأغصان والثانية رمى الإنسان الحجر علوا في الهواء ويدق الكلام في هذه المسألة ويخفى فإنها مسألة عظيمة القدر وما هي من العقول ببال ولها تعلق بباب التولد مثل حركة الخاتم لحركة الإصبع وحركة الكم لحركة اليد وللحركة سلطان عظيم حكمها مشهود في الأجسام ولوازمها ومعقول في المعاني وما لا يعرف حده فلها السريان الأتم في الموجودات وأول حكم لها في كل ما سوى الله خروج الأعيان وانتقالها من حالة العدم إلى حالة الوجود ولا يصح استقرار من موجود أصلا فإن الاستقرار سكون والسكون عدم الحركة فافهم وبعد أن تقرر هذا فإن الحركة التي في هذا المنزل التبس على الناس أمرها فما عرفوا هل هي طبيعية أو قسرية أو طبيعية قسرية أو طبيعية لا قسرية أو قسرية لا طبيعية وإنما تصور الخلاف ممن لم يشهد هذا المنزل ولا دخل فيه وهي عندنا حركة طبيعية اختيارية لإظهار أسرار عن أمر إلهي واختلفوا في السبب الموجب لهذه الحركة هل السبب سبب الحمياة أو سببها عالم الأنفاس أو لا سبب لها إلا الأمر الإلهي فاعلم إن الأمر في ذلك وجود الأمر الإلهي في عالم الأنفاس فتوجه على هذا الكون فحركه فقبل الحركة بطبعه كتوجه الهواء على الأشجار ليحركها بهبوبه فالمشاهد يرى حركة الأغصان لهبوب الرياح والعلم يرى أنه

629

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 629
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست