responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 623


صاحب مقام مقصور عليه وأما إن كان صاحب تمكين ونبحر في العلم الإلهي أخذ ذلك منه فإنه رسول من الله إليه فإن كان محمودا فقلب عينه في مجرد الأخذ حيث أخذه عن الله ولم يلتفت إلى الواسطة لعلمه بمحلها عند الله من الطرد والبعد فينقلب خاسئا حيث أراد أمرا فلم يتم له بل كان فيه زيادة سعادة لهذا الشخص ولكن من حرصه على الإغواء يعود إليه المرة بعد المرة وإن كان الذي أتاه به مذموما قلب عينه فصار محمودا في حقه بأن يصرفه على المصرف المرضى فينقلب خاسئا حيث أراد أمرا فلم يتم له بل كان فيه سعادة لهذا الشخص فإن كان حال هذا الشخص الأخذ من الأرض أقام له الشيطان أرضا ليأخذ منها فأما إن يرده خاسئا ويفرق بين الأرضين وإما أن يكون متبحرا فيشكر الله حيث أعطاه أيضا أرضا متخيلة كما أعطاه أرضا محسوسة وينظر سر الله فيها ويأخذ منها ما أودع الله فيها من الأسرار التي لم تخطر ببال إبليس ويردها الله لهذا الشخص زيادة في ملكه وإن كان حاله السماء فإن الشيطان يقيم له سماء مثل السماء التي يأخذ منها ويدرج له من السموم القاتلة ما يقدر عليه فيعامله العارف بما ذكرناه في معاملته له بالأرض وإن لم يكن في هذا المقام لبس عليه وتجرع تلك السموم القاتلة ولحق بالأخسرين أعمالا وإن كان حاله في سدرة المنتهى أو في ملك من الملائكة جلى له صورة سدرة مثلها أو صورة مثل صورة ذلك الملك وتسمى له باسمه ثم ألقى إليه ما عرف أنه يلقى إليه من ذلك المقام الذي هو فيه ليلبس عليه فإن كان من أهل التلبيس فقد ظفر به عدوه وإن كان معصوما حفظ منه فيطرده ويرمي ما جاء به أو يأخذه من الله دونه ويشكر الله على ما أولاه وما زاده ثم يرتقي هذا الشخص إلى حال هو أعلى فإن كان حاله العرش أو العماء أو الأسماء الإلهية ألقى إليه الشيطان بحسب حاله ميزانا بميزان فإن كان من أهل التلبيس كان كما ذكرناه وإن لم يكن انقسم أمره إلى ما ذكرناه فقد أعلمتك أن الشيطان لا يجلي للشخص إلا على ما هي عليه حالته في صورة ذلك على السواء وعلى ما استقر في ذهنه مما قررته الشريعة ألا ترى ابن صياد لما أظهر له إبليسه العرش إذ كان حاله وأبصر ذلك العرش على البحر لأنه رأى الله تعالى يقول وكان عرشه على الماء فجلى له العرش على البحر وهو قاعد عليه يأخذ عنه ابن صياد ويتخيل أنه يأخذ عن الله فإن الله قد قال على ما أخبره به رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله وكان عرشه على الماء فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذا ترى قال أرى العرش قال أين قال على البحر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك عرش إبليس وخبا له رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الدخان من القرآن فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خبأت لك فقال الدخ والدخ هي لغة في الدخان فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اخسأ فلن تعدو قدرك يعني إنك ممن لبس عليه الأمر فإنه صلى الله عليه وسلم ما خبا له إلا سورة الدخان وهي تحوي على الدخان وعلى غيره فما خبا له الدخان فأتاه باسم السورة لا بما خبا له وما قال سورة الدخان وإنما قال الدخ ولم يأت في هذه السورة إلا الدخان لا الدخ وإن كان هو بعينه فلم يفرق ابن صياد بين سورة الدخان وبين الدخان فجهل فلهذا قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اخسأ فلن تعدو قدرك حيث جاءه من هذه السورة بما يناسب إبليس الذي عرفه بذلك وهو أن الشيطان مخلوق من النار فما رأى من تلك الخبيئة إلا ما يناسبه وما عرف أنها سورة الدخان فالقى إلى ابن الصياد في روعة هذا القدر وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم تلفظ باسم السورة عند ما عينها في نفسه فسرقها الشيطان واختطفها من لفظه ولو أضمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه ما عرفها إبليس فإنه ليس له على قلبه صلى الله عليه وسلم اطلاع ولا استشراف بخلاف قلب الولي ولهذا إن النبي معصوم من الوسوسة في حال نزول الوحي وفي غيرها لا فرق ألا ترى الشيطان لما علم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه المثابة والعناية من الله في عصمة قلبه من استشراف إبليس عليه جاءه في الصلاة في قبلته بشعلة نار مخيلة فرمى بها في وجهه وغرضه أن يحول بينه وبين الصلاة لما يرى له فيها من الخير فإنه يحسده بالطبع فتأخر النبي صلى الله عليه وسلم إلى خلف ولم يقطع صلاته وأخبر بذلك أصحابه وأما الولي فقد يلقى إليه في قلبه وقد يسمع منه ما يحدث به نفسه فيطمع أن يلبس عليه حاله كما ذكرناه فمن كان على بينة من ربه فقد سعد وارتفع الإشكال ولا بد للبينة التي يكون عليها أن تكون بينة له وإن لم تكن بينة فلا يقدر أن يحكم بها فإنه قد تكون علامة لا بينة فيتخيل إن العلامة هي

623

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 623
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست