نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 620
أي أنه أدرك أن ثم أمرا يعجز عن إدراكه فهذا علم لا علم فيعلم الإنسان يوم القيامة عجز فكره عن إدراك ما حسب أنه أدركه غير أنه معذب بفكره بنار اصطلامه فإن حجة الشرع عليه قائمة إذ قد أبان له وأعرب عما ينبغي له أن يفكر فيه كما قال أو لم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة أي أنه يوصل إلى معرفة الرسول بالدليل وبهذه الآية يستدل على أنه لا بد من أن ينصب الله تعالى على يد هذا الرسول دليلا يصدقه في دعواه ولو لم يكن كذلك ما صدق قوله أو لم يتفكروا ولا تكون الفكرة إلا في دليل على صدقه إنه رسول من عند الله والدليل هو المنظور فيه الموصل إلى المدلول فلو لا ما نصب الأدلة ما شرع للعقلاء التفكر ولا طالبهم وكذلك في معرفتهم به سبحانه فقال لما ذكر أمورا إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون فإذا تعدى بالفكر حده وفكر فيما لا ينبغي له أن يفكر فيه عذب يوم القيامة بنار فكره ثم إن الإنسان يشغله الفكر فيما لم يشرع له التفكر فيه عن شكر المنعم على النعم التي أنعم الله عليه بها فيكون صاحب عذابين عذاب الفكر فيما لا ينبغي وعذاب عدم الشكر على ما أنعم به عليه ولا نعمة أعظم من نعمة العلم وإن كانت نعم الله لا تحصى من حيث أسبابها الموجبة لها وإنما النعيم على الحقيقة وجود اللذة في نفس المنعم عليه بها عند أسباب كثيرة لا تحصى محصورة في أمرين في وجود ما تكون به اللذة وفي عدم ما يكون بعدمه اللذة وهي أمور نسبية كوجود لذة خائف من عدو يتوقعه فيهلك ذلك العدو فيجد هذا من اللذة عند هلاكه ما لا يقدر قدرها وذلك لوجود الأمن مما كان يحذره فالأسباب لا تحصى كثرة واللذة واحدة وهي النعمة المحققة كما إن الألم هو العذاب المحقق وأسبابه لا تحصى فسمى الشئ باسم الشئ إذا كان مجاورا له أو كان منه بسبب واعلم أن الزيارة مأخوذة من الزور وهو الميل فمن زار قوما فقد مال إليهم بنفسه فإن زارهم بمعناه فقد مال إليهم يقلبه وشهادة الزور الميل إلى الباطل عن الحق فزيارة الموتى الميل إليهم تعشقا لصفة الموت إن تحل به فإن الميت لا حكم له في نفسه وإنما هو في حكم من يتصرف فيه ولا يتصور من الميت منع ولا إباية ولا حمد ولا ذم ولا اعتراض بل هو مسلم تسليم حال ذاتي كذلك ينبغي لزائره إن يكون حاله مع الله حال الميت مع من يتصرف فيه وإذا بلغ إلى هذا المقام على الحد المشروع فيه لا على الإطلاق حينئذ يبلغ مبلغ الرجال ولا يكون موصوفا بهذه الصفة على الإطلاق إلا في معناه لا في حسه الظاهر والباطن بل ينبغي له أن يكون حيا في أفعاله الظاهرة والباطنة في الأمور التي تعلق بها النهي الإلهي ويكون ميتا بالتسليم لموارد القضاء عليه في كل ذلك لا للمقضي والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ( الباب الثالث والثمانون ومائتان في معرفة منزل القواصم وأسرارها من الحضرة المحمدية ) إذا كنت مشغوفا بحب المعاصم * تذكر من الآيات آي القواصم فإن لها عن ذاك زجرا وعصمة * وأفلح من تحييه آي العواصم وهذي أمور لم أنلها بفكرة * ولكنها جاءت على يد قاسم ويعطي إله الخلق عدلا ومنة * بقصمة قهار وعصمة عاصم فكم بين شخص بالملائك ملحق * وبين شخيص ملحق بالبهائم اعلم أنه لما وصلت إلى هذا المنزل في وقت معراجي الذي عرج بي ليريني من آياته سبحانه ما شاء ومعي الملك قرعت بابه فسمعت من خلف الباب قائلا يقول من ذا الذي يقرع باب هذا المنزل المجهول الذي لا يعرف إلا بتعريف الله فقال الملك عبد الحضرة عبدك محمد بن نور ففتح فدخلت فيه فعرفني الحق جميع ما فيه ولكن بعد سنين من شهودي إياه فكان ذلك شهودا صوريا من غير تعريف ثم بعد ذلك وقع التعريف به ولما عرفني بأنه منزل مجهول قصم ظهري ولما وقع التعريف به رأيته كله قواصم إلا أن يعصم الله مما رأيت فخفت فسكن الله روعي بما جلى لي فرأيت في هذا المنزل تحول الصور الحسية في الصور الجسمية كما يتشكل الروحانيون في الصور فتخيلت إن تلك الصور الأول ذهبت فحققت النظر فيها فلم أدركها حتى أعطيت القوة عليها فتحولت فأدركت المطلوب فإذا هو على نوعين في التحول النوع الواحد أن تعطي قوة تؤثر بها في عين الرائي ما شئته من الصور التي تحب أن تظهر له فيها فلا يراك إلا عليها وأنت في نفسك على
620
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 620