responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 619


فإن الذات لا يصح أن تعلم أصلا فالعلم بتوحيد الله علم دليل فكري لا علم شهود كشفي فالعلم بالتوحيد لا يكون ذوقا أبدا ولا تعلق له إلا بالمراتب وأين التوحيد في الذات مع ما قد ورد من الصفات المعنوية واختلاف الناس فيها واختلاف أعيانها بالحد والحقيقة وإن هذه ليست عين هذه هذا في العقل وفي الشرع ثم انفرد التعريف الإلهي باليد والعين والقدم والأصابع وغير ذلك وهذه كلها تنافي توحيد الذات ولا تنافي توحيد الألوهة ولهذا ورد التنازع في قوله عليه السلام إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما لأن أحدية المرتبة لا تقبل الثاني ولا تحمل الشركة لأن المطلوب الصلاح لا الفساد والإيجاد لا الإعدام وقال تعالى لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فوحد الإله وما قال لو كانت ذات الإله تنقسم لفسدتا ما تعرض لشئ من ذلك وإن الإله عند المتكلمين مجموع ذوات فإن الصفات أعيان زائدة موجودة قائمة بذات الحق وبالمجموع يكون إلها فأين التوحيد الذي يزعمونه وكذلك العقلاء من الفلاسفة الإله عندهم مجموع نسب فأين الوحدانية عندهم فإنهم يصفونه بالعلم والحياة واللذة والابتهاج بكماله فالوحدة أمر يسمع واسم على غير مسمى حقيقي إذا أنصفت فلا إله إلا الله الواحد في ألوهيته القهار للمنازعين له في ألوهيته من عباده والمزاحمين له في أفعاله وما عدا هذين الصنفين فلهم الله الواحد الغفار وبعد أن علمت هذا فلا تحجبك هذه الكثرة عن توحيد الله تعالى ولكن بينت لك متعلق توحيدك وما تعرضنا إلى الذات في عينها لأن الفكر فيها ممنوع شرعا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تتفكروا في ذات الله وقال تعالى ويحذركم الله نفسه يعني أن تتفكروا فيها فتحكموا عليها بأمر أنها كذا وكذا وما حجر الكلام في الألوهة ولا تدرك بفكر ومشاهدتها من حيث نفسها ممنوعة عند أهل الله وإنما لها مظاهر تظهر فيها بتلك المظاهر تتعلق رؤية العباد وقد وردت بها الشرائع وما بأيدينا من العلم به إلا صفات تنزيه أو صفات أفعال ومن زعم أن عنده علما بصفة نفسية ثبوتية فباطل زعمه فإنها كانت تحده ولا حد لذاته فهذا باب مغلق دون الكون لا يصح أن يفتح انفرد به الحق سبحانه وإذا كان الحق على ما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن علمه بما علمه الله فقال اللهم إني أسألك بكل اسم سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم غيبك فعنده أسماء لا يعلمها إلا هو هي راجعة إليه وقد منع باستئثاره أنه لا يعلمها أحدا من خلقه وأسماؤه ليست أعلاما ولا جوامد وإنما أسماؤه على طريق المحمدة والمدح والثناء ولهذا كانت حسني لما يفهم من معانيها بخلاف الأسماء الأعلام التي لا تدل إلا على الأعيان المسماة بها خاصة لا على جهة المدح ولا جهة الذم وأعظمها عندنا الاسم الله الذي لا تقع فيه المشاركة فأين التوحيد مع هذا التعريف الذي يزعمه هذا الزاعم أنه قد حصل على علم التوحيد النفسي وإذا لم يشهد له شرع ولا عقل ولا كشف وما ثم غير هؤلاء وهم عدول فكيف بك بما خرج عن هؤلاء فألزم ما كلفته من زيارة الموتى وهو اللحوق بهم والانخراط في سلكهم وهو العجز عن إدراك الأمر على ما هو عليه وإنما نحن متصرفون في أفعال المقاربة وهي كاد وأخواتها فيقال كاد العروس يكون أميرا وما هو أمير في نفس الأمر وكاد زيد يحج أي قارب الحج وقال تعالى إذا أخرج يده لم يكد يراها فوصفه بأنه ما رآها ولا قارب رؤيتها فإنه نفى القرب بدخول لم على يكاد وهو حرف نفي وجزم يدخل على الأفعال المضارعة للأسماء فينفيها ويتعلق بهذا المنزل علم الزجر والردع لمن قال من الناس إنه قد علم ذات الحق أنه لا ينكشف له جهله بما زعم أنه عالم به إلا في الدار الآخرة فيعلم هناك أن الأمر على خلاف ما كان يعتقده من علمه وأنه لا يعلم دنيا ولا آخرة قال تعالى وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون فعم فبدا لكل طائفة تعتقد أمرا ما مما الأمر ليس عليه نفي ذلك المعتقد وما تعرض في الآية بما انتفى ذلك هل بالعجز أو بمعرفة النقيض وكلا الأمرين كائن في الدار الآخرة كمن يقول بإنفاذ الوعيد لمن مات عاصيا على غير توبة فيغفر الله له يوم القيامة فقد بدا له من الله ما لم يكن يعلمه من التجاوز وزال علمه بالمؤاخذة فكل طائفة يبدو لها من الله بحسب مسألتها فلو كان العلم في نفس الأمر علم يقين لما تبدل وإنما هو حسبان وظن قد احتجب عن صاحبه بصورة علم فهو يقول إنه يعلم والحق يقول له تظن وتحسب وأين مقام من مقام فما كل أمر يعلم ولا كل أمر يجهل فاعلم العلماء من علم ما يعلم أنه يعلم وما لا يعلم أنه لا يعلم قال صلى الله عليه وسلم لا أحصي ثناء عليك فقد علم أنه ثم أمر لا يحاط به وقال الصديق العجز عن درك الإدراك إدراك

619

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 619
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست