نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 609
موجودة وبها كان ربا له ولم يكن بين المربوب وذات الرب نسبة فلهذا لم يكن عن الذات شئ كما تقول أصحاب العلل والمعلولات فلا تتوجه الذات على إيجاد الأشياء من كونها ذاتا وإنما تتوجه على الأشياء من نسبة القدرة إليها وعدم المانع وذلك مسمى الألوهة كذلك الطبائع رتبها الله ترتيبا عجيبا لأجل الاستحالات فجعل عنصر النار يليه الهواء وعنصر الهواء يليه الماء وعنصر الماء يليه التراب فبين الماء والنار منافرة طبيعية من جميع الوجوه وبين الهواء والتراب منافرة من جميع الوجوه طبيعية فجعل بينهما الوسائط لكونها ذات وجهين لكل واحد مما يلي الطرفين مناسبة خاصة فإذا أراد الحق أن يحيل الماء نارا وهو منافر طبعا أحاله أولا هواء ثم أحال ذلك الهواء نارا فما أحال الماء نارا حتى نقله إلى الهواء من أجل التناسب وكذلك جميع الاستحالات كلها في عالم الطبيعة وأما في الإلهيات فقد أشرنا إليه في هذه المسألة وفي هذا الكتاب في وصف ذات المخلوق بصفة ذات الخالق ووصف ذات الخالق بصفة ذات المخلوق ثم تجرد ذات الخالق عما تقتضيه ذات المخلوق وتجرد ذات المخلوق عما تقتضيه ذات الخالق فلو لا النسبة الموجودة بين الرب والمربوب ما دل عليه ولا قبل الاتصاف بصفته لا هذا ولا هذا وبتلك النسبة كان الحق مكلفا عباده وآمرا وناهيا وبها بعينها كان الخلق مكلفا مأمورا منهيا فحقق ما نبهناك عليه إن كنت ذا قلب وألقيت السمع وأنت شهيد لما ذكرناه فإن لم تكن كذلك فاتك خير كثير وعلم نافع جليل القدر لكنه عظيم الخطر إلا أن يعصم الله ومكر إلهي خفي في هذا المنزل صدر عن الاسم القاهر والقادر موجود من عالم الغيب في عالم الحس بيده حسام القهر صلتا يطلب به موجودا تعلق باسم رحماني مثل طلب موسى فرعون وطلب نمروذ وفراعنة الأنبياء للأنبياء عليهم السلام كل ذلك صفات تقوم للعارف في ظاهره وباطنه يكاشفها من نفسه فإذا صال رجال الاسم القاهر التجأ العارف إلى الاسم الباطن فشفع له عند القاهر فتبادر جماعة من الأسماء الإلهية من أجل الاسم الباطن تعظيما له لقربه من الهو وقاموا معه بالاسم القائم على الاسم الظاهر لبعد منزلته من الهو فأقام لهم الاسم من عالم الغيب جماعة في عالم البرزخ فإنه أشد قوة في التأثير من عالم الحس فإنه يؤثر في عالم الحس ما يؤثره الحس والحس لا يقدر يؤثر في الخيال ألا ترى النائم يرى في الخيال إنه ينكح فينزل منه الماء في عالم الحس ويرى ما يفزعه فيتأثر لذلك جسم النائم بحركة أو صوت يصدر منه أو كلام مفهوم أو عرق لقوة سلطانه عليه ويظهر الخيال في صورة الحس ما ليس في نفسه بمحسوس ويلحقه بالحس وليس في قوة الحس أن يرد المحسوس بعينه متخيلا فيحصل لهذا العارف علوم من عين تلك الجماعة البرزخية يطلع بها على معرفة تلك الشبهة القادحة في سعادته لو ثبتت ومات عليها ولا بد في هذا المنزل من هذه الشبهة وهذه الأدلة ( فصل ) واعلم أنه ما من منزل من المنازل ولا منازلة من المنازلات ولا مقام من المقامات ولا حال من الحالات إلا وبينهما برزخ يوقف العبد فيه يسمى الموقف وهو الذي تكلم منه صاحب المواقف محمد بن عبد الجبار النفري رحمه الله في كتابه المسمى بالمواقف الذي يقول فيه أوقفني الحق في موقف كذا فذلك الاسم الذي يضيفه إليه هو المنزل الذي ينتقل إليه أو المقام أو الحال أو المنازلة إلا قوله أوقفني في موقف وراء المواقف فذلك الموقف مسمى بغير اسم ما ينتقل إليه وهو الموقف الذي لا يكون بعده ما يناسب الأول وهو عند ما يريد الحق أن ينقله من المقام إلى الحال ومن الحال إلى المقام ومن المقام إلى المنزل ومن المنزل إلى المنازلات أو من المنازلات إلى المقام وفائدة هذه المواقف أن العبد إذا أراد الحق أن ينقله من شئ إلى شئ يوقفه ما بين ما ينتقل عنه وبين ما ينتقل إليه فيعطيه آداب ما ينتقل إليه ويعلمه كيف يتأدب بما يستحقه ذلك الأمر الذي يستقبله فإن للحق آدابا لكل منزل ومقام وحال ومنازلة إن لم يلزم الآداب الإلهية العبد فيها وإلا طرد وهو أن يجري فيها على ما يريده الحق من الظهور بتجليه في ذلك الأمر أو الحضرة من الإنكار أو التعريف فيعامل الحق بآداب ما تستحقه وقد ورد الخبر الصحيح في ذلك في تجليه سبحانه في موطن التلبيس وهو تجليه في غير صور الاعتقادات في حضرة الاعتقادات فلا يبقى أحد يقبله ولا يقربه بل يقولون إذا قال لهم أنا ربكم نعوذ بالله منك فالعارف في ذلك المقام يعرفه غير أنه قد علم منه بما أعلمه أنه لا يريد أن يعرفه في تلك الحضرة من كان هنا مقيد المعرفة بصورة خاصة يعبده فيها فمن أدب العارف أن يوافقهم في الإنكار ولكن لا يتلفظ بما تلفظوا به من الاستعاذة منه فإنه يعرفه فإذا قال لهم
609
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 609