نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 608
يضفه إلى القدرة التي يقع الخلق والجعل بها والكتب الإلهية من هذا مشحونة ويحتوي عليها هذا المنزل والصحيح في ذلك أن الموجودات إذا كانت كما قد ذكر لها أعيان ثابتة حال اتصافها بالعدم الذي هو للممكن لا للمحال فكما أبرزها للوجود وألبسها حاله وعراها عن حال العدم فيسمى بذلك موجدا وتسمى هذه العين موجودة لا يبعد أن يردها إلى ما منه أخرجها وهي حالة العدم فيتصف الحق بأنه معدم لها وتتصف هي بأنها معدومة ولا يتعرض إلى العلم بأية صفة حصل ذلك فإن سألنا ألحقنا حصول الأمرين والحالتين بالمشيئة ويسلم ذلك الخصمان وإذا سألنا عن إلحاق تلك العين بالوجود نسبنا ذلك إلى القدرة والمشيئة ويسلم الخصمان لنا ذلك فإذا فهمت ما أردناه فالحق الكل بالمشيئة وهو الأولى والأوجه حتى تسلم من النزاع في صنف الخبر من ذلك حتى لا يتصور نزاع فيه من جميع الطوائف ومن هذا الباب ذهب الله بنورهم أي أزاله عن أبصارهم ولكن لا يلزم من ذهابه عن أبصارهم الحاقة بالعدم لولا إن المفهوم منه أن الله أعدم النور من أبصارهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون ومن علوم هذا المنزل بعث الحق تعالى الجماعة لأمر يقوم به الواحد منهم أعني من تلك الجماعة ومن علوم هذا المنزل وجود العلم عن النظرة والضربة والرمية وكيف تقوم هذه الأمور مقام كلام العالم للمتعلم وذوقنا من هذا الفن ذوق النظرة فاعلم أنه كما يتضمن النظر بنور الشمس جميع المرئيات على كثرتها وبعدها في غير زمان مطول بل عين زمان اللمحة زمان بسط النور على المبصرات عين زمان إدراك البصر لها عين زمان تعلق العلم بما أدركه البصر من غير ترتيب زماني ولا امتداد وإن كان الترتيب معقولا مثل ترتيب العلة والمعلول مع تساوقهما في الوجود كذلك اللحظة أو الضربة أو الرمية تتضمن العلوم التي أودع الله فيها فإذا وقعت من الضارب أو الرامي أو اللاحظ أدرك من العلم جميع ما في قوة تلك الضربة مثل ما أعطت اللحظة بنور الشمس جميع ما في قوة تلك اللحظة من المبصرات وليس القصور من الضربة وغيرها فإنها تتضمن ما لا نهاية له من العلوم كما تشرق الشمس على أكثر مما يدركه البصر وإنما القصور في قلب المدرك مثل القصور في المبصر عن إدراك جميع ما أشرقت عليه الشمس وهذا كله في آن واحد إن كان المدرك ممن يتقيد بالزمان كالأرواح التي لا تتصف بالتحيز فتدرك ما تدركه في غير زمان مما يدرك في زمان وفي غير زمان ولهذه الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم إن الحق ضربه بيده بين كتفيه أو في ظهره فوجد برد الأنامل بين ثدييه أو في صدره فعلم علم الأولين والآخرين فسبحان معلم من شاء بما شاء كيف شاء لا إله إلا هو العليم القدير وكذلك من هذا الباب لما رمى التراب في وجوه الأعداء يوم حنين فأصابت عيون القوم فانهزموا فانظر ما تضمنته تلك الرمية وما تضمنته تلك الضربة وأما لنظرة فما رويتها عن أحد ولا سمعتها عن أحد لكني رأيتها من نفسي نظرت نظرة فعلمت ما تضمنته من العلوم وأعطيت نظرة فنظرت بها فعلمت بها من نظرت إليه من جميع ما تضمنته تلك النظرة من العلوم وهذا هو علم الأذواق ومن هنا يعلم قول من قال يسمع بما به يبصر بما به يتكلم هذا مضى وأما فائدة ما يقوم به الواحد بما تبعث به الجماعة فللانعام الإلهي بتلك الجماعة وعناية الحق بهم حيث جعل لهم نصيبا في ذلك الخير لا لقصور القدرة عن إبلاغ الواحد ذلك الأمر دون الجماعة إلا أن تكون حقائق النسب فإن ذلك ترتيب حقيقي لا وضعي كتقدم الحي على العالم ودخول المريد تحت إحاطة العالم ودخول القادر تحت إحاطة المريد فلا يقوم المريد بما يختص به القادر ولا يقوم العالم بما يختص به المريد ولا يقوم الحي بما يختص به العالم ولا يقوم العالم بما يختص به الحي ولا يقوم المريد بما يختص به العالم ولا يقوم القادر بما يختص به المريد وعين العالم هو عين الحي عين المريد عين القادر وعين الحياة هي عين العلم عين الإرادة عين القدرة وعين الحياة هي عين الحي عين العالم عين المريد عين القادر وكذلك ما بقي فالنسب مختلفة والعين واحدة والمعلوم صفة وحال وموصوف فالجمع في عين الوحدة مندرج حكما لا عينا فإنه ما ثم أعيان موجودة لهذا المجموع وإنما هي عين واحدة لها نسب مختلفة تبلغ ما بلغت فهذا هو السريان الوجودي في الموجودات فهذا من قيام الواحد بما تقوم به الجماعة بين موجود ومعقول فهذا المنزل يتضمن ما ذكرناه ومن علوم هذا المنزل معرفة استحالات العناصر والمولدات بعضها إلى بعض بنسبة رابطة بين المستحيل والمستحال إليه فإن ارتفعت تلك النسبة الرابطة لم يستحل شئ إلى شئ فإنه منافر له من جميع الوجوه ولهذا كانت النسبة بين الرب والمربوب
608
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 608