نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 573
وسبعون وثمانون وتسعة ومائتان ولما كانت المراتب أربعا لا زائد عليها وكل مرتبة تقتضي أمورا لا نهاية لها من علوم وأسرار وأحوال فالمرتبة الأولى إيمان والثانية ولاية والثالثة نبوة والرابعة رسالة والرسالة والنبوة وإن انقطعت في هذه الأمة بحكم التشريع فما انقطع الميراث منهما فمنهم من يرث نبوة ومنهم من يرث رسالة ونبوة معا وإذ قد ذكرنا ما لهذا الإمام الأقصى فلنذكر ما للإمام الأدنى وهو عبد الملك فنقول والله يقول الحق وهو يهدي السبيل إن لهذا الإمام من جهة روحانيته من الأجنحة تسعين جناحا أي جناح نشر منها طار به حيث شاء وكانت بدايته ونهايته في المرتبة الثانية ليس له قدم في باقي المراتب الثلاثة فلم يكن له منازل ولا درجات ولا مقامات يقطعها ولهذا الإمام الشدة والقهر وله التصرف بجميع الأسماء الإلهية التي تستدعي الكون مثل الخالق والرازق والملك والبارئ على بعض وجوهه وغير ذلك وليس له تصرف بأسماء التنزيه بخلاف الإمام الذي تقدم ذكره ويلجأ إليه في الشدائد والنوازل الكبار فيفرجها الله على يده فإن الله قد جعل له عليها سلطانا وله الكرم وليس له الإيثار لنزاهته عن الحاجة إلى ما يقع به الإيثار وله الإنعام على الخلق من حيث لا يشعرون ولقد أنعم على هذا ببشارة بشرني بها وكنت لا أعرفها في حالي وكانت حالي فأوقفني عليها ونهاني عن الانتماء إلى من لقيت من الشيوخ وقال لي لا تنتم إلا لله فليس لأحد ممن لقيته عليك يد مما أنت فيه بل الله تولاك بعنايته فاذكر فصل من لقيت إن شئت ولا تنتسب إليهم وانتسب إلى ربك وكان حال هذا الإمام مثل حالي سواء لم يكن لأحد ممن لقيه عليه يد في طريق الله إلا لله هكذا نقل لي الثقة عندي عنه وأخبرني الإمام بذلك عن نفسه عند اجتماعي به في مشهد برزخي اجتمعت به فيه لله الحمد والمنة على ذلك وولاة أمور الخلق راجعون إلى هذا الإمام فيولي ويعزل ويدفع الله به الشرور وله سلطان قوي على الأرواح النارية من الشياطين المبعودين من رحمة الله ويجتمع مع الإمام الأول الأقصى في درجة واحدة من خمس درجات وينفرد عنه الإمام الأقصى بأربع درجات وقد ذكرنا من أحواله في جزء لنا في معرفة القطب والإمامين ما فيه كفاية فلنقتصر على ما قد ذكرناه رغبة في الاختصار وإذ قد ذكرنا من أحوال الإمامين هذا القدر فلنذكر أيضا من حديث القطب ما تقع به الكفاية في هذه العجالة إن شاء الله فأما القطب وهو عبد الله وهو عبد الجامع فهو المنعوت بجميع الأسماء تخلقا وتحققا وهو مرآة الحق ومجلى النعوت المقدسة ومجلى المظاهر الإلهية وصاحب الوقت وعين الزمان وسر القدر وله علم دهر الدهور الغالب عليه الخفاء محفوظ في خزائن الغيرة ملتحف بأردية الصون لا تعتريه شبهة ولا يخطر له خاطر يناقض مقامه كثير النكاح راغب فيه محب للنساء يوفي الطبيعة حقها على الحد المشروع له ويوفي الروحانية حقها على الحد الإلهي يضع الموازين ويتصرف على المقدار المعين الوقت له ما هو للوقت هو لله لا لغيره حاله العبودية والافتقار يقبح القبيح ويحسن الحسن يحب الجمال المقيد في الزينة والأشخاص تأتيه الأرواح في أحسن الصور يذوب عشقا يغار لله ويغضب لله لا تتقيد له المظاهر الإلهية بالتدبير بل له الإطلاق فيها فتظهر له في تدبير المدبر روحانيته من البشر المحسوس من خلف حجاب الشهادة والغيب لا يرى من الأشياء إلا وجه الحق فيها يضع الأسباب ويقيمها ويدل عليها ويجري بحكمها ينزل إليها حتى تحكم عليه وتؤثر فيه لا يكون فيه ربانية بوجه من الوجوه مصاحب لهذا الحال دائما إن كان صاحب دنيا وثروة تصرف فيها تصرف عبد في مال سيد كريم وإن لم يكن له دنيا وكان على ما يفتح له لم تستشرف له نفس بل يقصد بنفسه عند الحاجة إلى بعض ما تحتاج إليه طبيعته بيت صديق ممن يعرفه يعرض عليه ما تحتاج إليه طبيعته كالشفيع لها عنده فيتناول لها منه قدر ما تحتاج إليه وينصرف لا يجلس عن حاجته إلا من ضرورة فإذا لم يجب لجأ إلى الله في حاجة طبيعته لأنه مسؤول عنها لكونه واليا عليها ثم ينتظر الإجابة من الله فيما سأله فإن شاء أعطاه ما سأل عاجلا أو آجلا فمرتبته الإلحاح في السؤال والشفاعة في حق طبيعته بخلاف أصحاب الأحوال فإن الأشياء تتكون عن همتهم وطرحهم الأسباب عن نفوسهم فهم ربانيون والقطب منزه عن الحال ثابت في العلم مشهود فيه فيتصرف به فإن أطلعه الحق على ما يكون أخبر بذلك على جهة الافتقار والمنة لله لا على جهة الافتخار لا تطوي له أرض ولا يمشي في هواء ولا على ماء ولا يأكل من غير سبب ولا يطرأ عليه شئ مما ذكرناه من خرق العوائد وما تعطيه الأحوال إلا نادرا لأمر يراه الحق فيفعله لا يكون ذلك مطلوبا
573
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 573