نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 439
والعين لا تنعدم أبدا فإن الله قد حكم بإبقائها فإنه أحب أن يعرف فلا بد من إبقاء أعين العارفين وهم أجزاء العالم وهذا الفلك هو سقف الجنة وعن حركته يتكون في الجنة ما يتكون وهو لا ينخزم نظمه فالجنة لا تفني لذاتها أبدا ولا يتخلل نعيمها ألم ولا تنغيص وإن كانت طبائع أقسام هذا الفلك مختلفة فما اختلفت إلا لكون الطبيعة فوقه فحكمت عليه بما تعطيه من حرارة وبرودة ويبوسة ورطوبة إلا أنه لما كان مركبا ولم يكن بسيطا لم يظهر فيه حكم الطبيعة إلا بالتركيب فتركب الناري من هذه الأقسام من حرارة ويبوسة وتركب الترابي منها من برودة ويبوسة وتركب الهوائي منها من حرارة ورطوبة وتركب المائي منها من برودة ورطوبة فظهرت على أربع مراتب لأن الطبيعة لا تقبل منها إلا أربعة تركيبات لكونها متضادة وغير متضادة على السواء فلذلك لم تقبل إلا أربع تركيبات كما هي في عينها على أربع لا غير وإن كانت الطبيعة في الحقيقة اثنين لأنها عن النفس والنفس ذات قوتين علمية وعملية فالطبيعة ذات حقيقتين فاعلتين من غير علم فهي تفعل بعلم النفس لا بعلمها إذ لا علم لها ولها العلم فهي فاعلة بالطبع غير موصوفة بالعلم فهي من حيث الحرارة والبرودة فاعلة ثم انفعلت اليبوسة عن الحرارة والرطوبة عن البرودة فكما كانت الحرارة تضاد البرودة كان منفعل الحرارة يضاد منفعل البرودة فلهذا ما تركب من المجموع سوى أربع فظهر حكمها في أقسام هذا الفلك بتقدير العزيز العليم ثم جعلها على التثليث كل ثلث أربع فإذا ضربت ثلاثة في أربعة كان المجموع اثني عشر فلكل برج ثلاثة أوجه مضروبة في أربعة أبراج كان المجموع اثني عشر وجها والأربعة الأبراج قد عمت تركيب الطبائع لأنها منحصرة في ناري وترابي وهوائي ومائي فإذا ضربت ثلاث مراتب في اثني عشر وجها كان المجموع ستة وثلاثين وجها وهو عشر الدرج أي جزء من عشرة والعشرة آخر نهاية الأحقاب والحقبة السنة فأرجو أن يكون المال إلى رحمة الله في أي دار شاء فإن المراد أن تعم الرحمة الجميع حيث كانوا فيحيي الجميع بعد ما كان منه من لا يموت ولا يحيا وذلك حال البرزخ واعلم أن هذا الفلك يقطع بحركته في الكرسي كما يقطعه من دونه من الأفلاك ولما كان الكرسي موضع القدمين لم يعط في الآخرة إلا دارين نارا وجنة فإنه أعطى بالقومين فلكين فلك البروج وفلك المنازل الذي هو أرض الجنة وهما باقيان وما دون فلك المنازل يخرب نظامه وتبدل صورته ويزول ضوء كواكبه كما قال يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وقال وإذا النجوم طمست فما ذكر من السماوات إلا المعروفة بالسموات وهي السبع السماوات خاصة وأما مقعر فلك المنازل فهو سقف النار ومن فعل هاتين القدمين في هذا الفلك ظهر في العالم من كل زوجين اثنين بتقدير العزيز لوجود حكم الفاعلين من الطبيعة والقوتين من النفس والوجهين من العقل والحرفين من الكلمة الإلهية كن من الصفتين الإلهية في ليس كمثله شئ وهي الصفة الواحدة وهو السميع البصير وهي الصفة الأخرى فمن نزه فمن ليس كمثله شئ ومن شبه فمن وهو السميع البصير فغيب وشهادة غيب تنزيه وشهادة تشبيه فافهم إن كنت تفهم واعلم ما الحقيقة التي حكمت على الثنوية حتى أشركوا وهم المانية مع استيفائهم النظر وبذل الاستطاعة فيه فلم يقدروا على الخروج من هذه الاثنينية إلى العين الواحدة وما ثم إلا الله ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فلم يعذر لأنه نزل عن هذه الدرجة فقلد فنجا صاحب النظر وهلك المقلد فإنه استند إلى أمر محقق في الصفة والكلمة فأضله الله على علم وختم على سمعه فلم يسمع وإلهكم إله واحد وختم على قلبه فلم يعلم أنه إله واحد لأنه لم يشاهد تقليب قلبه وجعل على بصره غشاوة فلم يدرك فردية الكلمة بالواو التي بين الكاف والنون فمنعته الغشاوة من إدراكها فلم يشاهد إلا اثنين الكاف والنون لفظا وخطا والكاف كافان كاف كن وهي كاف الإثبات وكاف لم يكن وهي كاف النفي وفي هذه الكاف طلعت لنا الشمس سنة تسعين وخمسمائة فأثبتنا نفي التشبيه بطلوع الشمس في لم يكن ومن لم تطلع له فيه شمس قال بالتعطيل والشمس طالعة ولا بد في لم يكن نصف القرص منها ظاهر والنصف فيها مستتر والغشاوة منعت هذا الرائي أن يدرك طلوعها فقال بالتعطيل وهو النفي المطلق فما من ناظر إلا وله عذر والله أجل من أن يكلف نفسا ما ليس في وسعها فكلهم في رحمة الله خالد * موحده أو ذو الشريك وجاحد ومن هذا الاسم وجد حرف الجيم والطرف من المنازل وسيأتي الكلام على كل واحد من هذه الحروف والمنازل في بابها
439
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 439