نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 652
عظيم الفائدة للعارفين واعلم أن العارف في هذا المنزل لا يتمكن له أن يسأل الحق في أمر إلا من الوجه الأخص لا من الوجه الأعم ولا يصح له سؤال الحق في أمر هو فيه لأنه شغل عما يستحقه ذلك الأمر من الأدب فإذا وفاه حقه حسا كان مما يتعلق بالعبادات البدنية أو معنى كان مما يتعلق بالعبادات القلبية وأراد الحق أن ينقله من تلك العبادة لم يعرف العارف مراد الحق فيه لأي مرتبة ينقله هل ينقله إلى واجب آخر أو مندوب أو مباح أو مكروه أو محظور فيبقى واقفا بين المقام الذي فرع منه وبين الأمر الذي إليه في علم الله ينتقل فعند ذلك يأتيه رسول من الله مظهر في سره يقول له إن الله قد أمرك أن تتضرع إليه وترغبه وتسأله في هذا الأمر الذي ينقلك إليه إن كانت بقيت لك حياة فليكن من الواجبات وهو المراد فإن لم يكن فمن المندوبات فإن لم تسبق العناية بالإجابة فمن المباحات فإن لم يكن ورأيت لوائح تبرق إليك من خلف حجاب الخذلان وتعلم أنك تنتقل إلى محظور أو مكروه فاسأل من الله الحضور معه في ذلك الأمر الذي تنتقل إليه وأسأله أن يجعل فيك من الكراهة لذلك الأمر ولا يحول بينك وبين معرفتك بأنه شئ يسوءك فعله وأن العلم الإلهي لا يتبدل فيك بوقوعه منك حتى أنه إذا وقع منك وأنت على هذه الحالة لم يبق حكم للمعصية فيك جملة وكان الحكم في ذلك للقدر فإذا توجهت العقوبة على من هذه حالته لما تطلبه المخالفة من وجه من وجوهها توجه العفو والغفور والرحيم وهم الأسماء التي تطلبها المخالفة ويعتضدون بالأسماء التي تطلبها الكراهة التي كانت فيك لذلك الفعل والايمان بالقدر السابق فيها ويد الله مع الجماعة فتكون الغلبة والحكم لهؤلاء الأسماء التي تعطيه السعادة والخير مع وقوع المعصية وتكون معصيته بحضوره فيها مع الله حية ذات روح إلهي يستغفر له إلى يوم القيامة ويبدل الله سيئها حسنا كما بدل عقوبتها مثوبة والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ( الباب الحادي والتسعون ومائتان في معرفة منزل صدر الزمان وهو الفلك الرابع من الحضرة المحمدية ) أقسمت بالدهر أن الدهر ليس له * عين ولكنه للعقل معقول فإن حلفت به فاحلف على عدم * لا في وجود فإن الحنث تعطيل واعلم بأن الذي لا أم تؤنسه * ولا أب هو في الأحكام مبتول إلا الذي رقيت فيه معارفه * وكان عنه فذاك الشخص مقبول كما الذي تاه في بحر وليس له * هاد فذلك بالأهواء معلول وإن نقلت إلى فقر بغير غنى * فإنكم لدليل العقل مدلول اعلم وفق الله الولي الحميم أن لكل شئ صدرا ومعرفته في هذا الطريق من أرفع العلوم والمعارف إذ كان العالم وكل جنس على صورة الإنسان وهو آخر موجود وكان الإنسان وحده على الصورة الإلهية في ظاهره وباطنه وقد جعل الله له صدرا فما بين الحق والإنسان الذي له الآخرية وللحق الأولية صدور لا يعلم عددها إلا الله فلنعين منها بعض ما يصل إليه فهمك وما يمكن أن يقبله عقلك ونسكت عما لا يصل إليه فهمك ولا يقبله عقلك فلنبتدئ أولا بالأعلى وننزل إلى آخر درجة فنقول إن الصدر في الرتبة الثانية من كل صورة سواء كانت الصورة جنسية أو نوعية أو شخصية فصدر الواجبات الحياة الأزلية المنعوت بها الحق عز وجل وصدر الأسماء المؤثرة العالم وصدر صفات التنزيه نفي المثلية وصدر الأينيات العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء وصدر الوجود الممكنات وصدر الموجودات العقل الأول وصدر الدهر ما بين الأزل والأبد وصدر الزمان زمان قبول الهيولى للصورة وصدر الطبيعة كيفية الجسم الأول وصدر الكيفيات تعلق القدرة بالإيجاد وصدر الكميات تقسيم المعاني وصدر الأفلاك الكرسي وصدر العناصر الماء وصدر الليل مغيب الشفق الأحمر وصدر النهار إشراق الشمس لا شروقها وصدر المولدات الحيوان وصدر الإنسان معروف وصدر الأمة زمان إدريس وصدر هذه الأمة القرن الأول وصدر الدنيا وجود آدم وصدر الأيام يوم الاثنين وصدر الآخرة البعث وصدر البرزخ النوم وصدر النار الموبق وصدر الجنة النزول في المنازل منها وصدر العذاب والنعيم رؤية أسبابهما وصدر الدين فلان رسول الله واعلم أن لكل صدر قلبا فما دام القلب في الصدر فهو أعمى لأن الصدر حجاب عليه فإذا أراد الله أن يجعله
652
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 652