نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 628
يدخل بها الجنة أو النار وأهل النار كلهم مسؤولون فإذا دخلوا الجنة واستقروا فيها ثم دعوا إلى الرؤية وبادروا حشروا في صورة لا تصلح إلا للرؤية فإذا عادوا حشروا في صورة تصلح للجنة وفي كل صورة ينسى صورته التي كان عليها ويرجع حكمه لي حكم الصورة التي انتقل إليها وحشر فيها فإذا دخل سوق الجنة ورأى ما فيه من الصور فآية صورة رآها واستحسنها حشر فيها فلا يزال في الجنة دائما يحشر من صورة إلى صورة إلى ما لا نهاية له ليعلم بذلك الاتساع الإلهي فكما لا يتكرر عليه صور التجلي كذلك يحتاج هذا المتجلي له أن يقابل كل صورة تتجلى له بصورة أخرى تنار إليه في تجليه فلا يزال يحشر في الصور دائما يأخذها من سوق الجنة ولا يقبل من تلك الصور التي في السوق ولا يستحسن منها إلا ما يناسب صورة التجلي الذي يكون له في المستقبل لأن تلك الصورة هي كالاستعداد الخاص لذلك التجلي فاعلم هذا فإنه من لباب المعرفة الإلهية ولو تفطنت لعرفت أنك الآن كذلك تحشر في كل نفس في صورة الحال التي أنت عليها ولكن يحجبك عن ذلك رؤيتك المعهودة وإن كنت تحس بانتقالك في أحوالك التي عليها تتصرف في ظاهرك وباطنك ولكن لا تعلم أنها صور لروحك تدخل فيها في كل آن وتحشر فيها ويبصرها العارفون صورا صحيحة ثابتة ظاهرة العين وهذا المنزل منزل الخبرة والمهيمن عليه الاسم الرب وهذه الصور إنما تطلبها الخبرة لإقامة الحجة عليها في موطن التكليف فالعارف يقدم قيامته في موطن التكليف التي يؤول إليها جميع الناس فيزن على نفسه أعماله ويحاسب نفسه هنا قبل الانتقال وقد حرض الشرع على ذلك فقال حاسبوا أنفسكم قبل إن تحاسبوا ولنا فيه مشهد عظيم عايناه وانتفعنا بهذه المحاسبة فيه فلم تعد علينا في الموطن الذي يحاسب الناس فيه وما أخذت هذا المقام إلا من شيخنا أبي عبد الله بن المجاهد وأبي عبد الله بن قسوم بإشبيلية فإنه كان حالهما وزدت على ابن قسوم في ذلك بمحاسبة نفسي بالخواطر وكان الشيخ لا يحاسب نفسه إلا على الأفعال والأقوال لا غير وهذا القدر كاف في التعريف بما يتضمنه هذا المنزل والله يقول الحق وهو يهدي السبيل قيل لي قل في آخر كل منزل سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ( الباب الخامس والثمانون ومائتان في معرفة منزل مناجاة الجماد ومن حصل فيه حصل من الحضرة المحمدية والموسوية نصفها ) تناجيني العناصر مفصحات * بما فيها من العلم الغريب فاعلم عند ذاك شفوف جسمي * على نفسي وعقلي من قريب فيا قومي علوم الكشف تعلو * بما تعطي على علم القلوب فإن العقل ليس له مجال * بميدان المشاهد والغيوب فكم للفكر من خطأ وعجز * وكم للعين من نظر مصيب ولولا العين لم يظهر لعقل * دليل واضح عند اللبيب أما قولنا وكم للعين من نظر مصيب فإنما جئنا به صنعة شعرية لما قلنا قبل في صدر البيت وإنما المذهب الصحيح إن العين لا تخطئ أبدا لا هي ولا جميع الحواس فإن إدراك الحواس الأشياء إدراك ذاتي ولا تؤثر العلل الظاهرة العارضة في الذاتيات وإدراك العقل على قسمين إدراك ذاتي هو فيه كالحواس لا يخطئ وإدراك غير ذاتي وهو ما يدركه بالآلة التي هي الفكر وبالآلة التي هي الحس فالخيال يقلد الحس فيما يعطيه والفكر ينظر في الخيال فيجد الأمور مفردات فيحب أن ينشئ منها صورة يحفظها العقل فينسب بعض المفردات إلى بعض فقد يخطئ في النسبة الأمر على ما هو عليه وقد يصيب فيحكم العقل على ذلك الحد فيخطئ ويصيب فالعقل مقلد ولهذا اتصف بالخطأ ولما رأت الصوفية خطأ النظار عدلوا إلى الطريقة التي لا لبس فيها ليأخذوا الأشياء عن عين اليقين ليتصفوا بالعلم اليقيني فإن الجاهل قد يتصف بالعلم فيما جهله ولا يتصف باليقين ولهذا جاز أن يضاف العلم إلى اليقين وليس من إضافة الشئ إلى نفسه لا لفظا ولا معنى فأما اللفظ فإن لفظة اليقين ما هي لفظة العلم فجازت الإضافة ومن طريق المعنى
628
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 628