نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 598
الدار الآخرة كؤوس كثيرة على عدد الشاربين منه وأن الماء في الإناء على صورة الإناء شكلا ولونا علمنا قطعا إن العلم بالله سبحانه على قدر نظرك واستعدادك وما أنت عليه في نفسك فما اجتمع اثنان قط على علم واحد في الله من جميع الجهات لأنه ما اجتمع في اثنين قط مزاج واحد ولا يصح لأنه لا بد في الاثنين مما يقع به الامتياز لثبوت عين كل واحد ولو لم يكن كذلك لم يصح أن يكونا اثنين فما عرف أحد من الحق سوى نفسه فإذا عامل من تجلى له بما عامله به وقد ثبت أن عمله يعود عليه لن ينال الله من ذلك شئ قال صلى الله عليه وسلم إنما هي أعمالكم ترد عليكم فيكسوكم الحق من أعمالكم حللا على قدر ما حصنتموها واعتنيتم بأصولها فمن لابس حريرا ومن لابس مشاقة كتان وقطن وما بينهما فلا تلم إلا نفسك ولا تلم الحائك فما حاك لك إلا غزلك فإن قلت كيف تقول لن ينال الله من ذلك شئ وقد قال سبحانه يناله التقوى منكم فلتعلم إن المراد بإثبات النيل هنا وعدم النيل في جانب الحق إن الله سبحانه ما يناله شئ من أعمال الخلق مما كلفهم العمل فيه نيل افتقار إليه وتزين به ليحصل له لذلك حالة لم يكن عليها ولكن يناله التقوى وهو أن تتخذوه وقاية مما أمركم أن تتقوه به على درجات التقوى ومنازله فقد قال اتقوا النار واتقوا الله وقوا أنفسكم وأهليكم فمعنى يناله التقوى أنه يتناولها منك ليلبسك إياها بيده تشريفا لك حيث خلع عليك بغير واسطة إذ لبسها غير المتقي من غير يد الحق وسواء كانت الخلعة من رفيع الثياب أو دنيئها فذلك راجع إليك فإنه ما ينال منك إلا ما أعطيته وإن جمع ذلك التقوى فإنه لا يأخذ شيئا سبحانه من غير المتقي فلهذا وصف نفسه بأن التقوى تناله من العباد وإنما وصف الحق سبحانه بأن التقوى تصيبه واللحوم والدماء لا تصيبه لما كانت الإصابة بحكم الاتفاق لا بحكم القصد أضاف النيل إلى المخلوق لأنه يتعالى أن يعلم فيقصد من حيث يعلم ولكن إنما يصاب بحكم الاتفاق مصادفة والحق منزه أن يعلم الأشياء بحكم الإصابة فيكون علمه للأشياء اتفاقا فإذا ناله التقوى من المتقي وخدم بين يديه وجعل ذاته بين يديه مستسلما لما يفعله فيه فيخلع سبحانه عند ذلك من العلم على المتقي ومن شأن هذا العلم أن يحصل من الله تعالى للعبد بكل وجه من وجوه العطاء حتى يأخذ كل آخذ منه بنصيب فمنهم من يأخذه من يد الكرم ومنهم من يأخذه من يد الجود ومنهم من يأخذه من يد السخاء ومنهم من يأخذه من يد المنة والطول إلا الإيثار فإنه ليس له يد في هذه الحضرة الإلهية إذ كان لا يعطي عن حاجة لكن الأسماء الإلهية لما كانت تريد ظهور أعيانها في وجود الكون وأحكامها يتخيل أن إعطاءها من حاجة إلى الأخذ عنها فتتنسم من هذا رائحة الإيثار وليس بصحيح وإنما وقع في ذلك طائفة قد أعمى الله بصيرتهم ولذلك العارفون اتصفوا بأصناف العطاء في التخلق بالأسماء لا بالإيثار فإنهم في ذلك أمناء لا يؤثرون إذ لا يتصور الإيثار الحقيقي لا المجازي عندهم والعارف لا يقول أعطيتكم وإنما يقول أعطيتك لأنه لا يشترك اثنان في عطاء قط فلهذا يفرد ولا يجمع فالجمع في ذلك توسع في الخطاب والحقيقة ما ذكرناه وللكلام في هذا المنزل مجال رحب لا يسعه الوقت والله يقول الحق وهو يهدي السبيل منازل الحوض وأسراره * مراتب العلم وأنواره وهو من العلم الذي لم يزل * صفاؤه شيب بأكداره محله الطبع الذي رتقه * يلحقه القعر بإغباره ( الباب السابع والسبعون ومائتان في معرفة منزل التكذيب والبخل وأسراره من المقام الموسوي ) العلم علمان علم الدين في الصور * الظاهرات من الأرواح في البشر وعلم حق بتحقيق يؤيده * ما أودع الله في الآيات والسور من كل ناظرة بالعين ناضرة * فاللام ناظرة بالفاء في خبر هذي منازل أنوار سباعية * الخمس تخنس دون الشمس والقمر منها ليظهر ما في الغيب من عجب * فكل منزلة تسعى على قدر إن الصفات التي جاء الكتاب بها * تقدست على مجال العقل والفكر وكيف يدرك من لا شئ يشبهه * من يأخذ العلم عن حس وعن نظر
598
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 598