نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 582
في قيام البيت عليها فقد بينا لك ذلك حتى لا تتخيل أن الحق في أحد القولين ومع إحدى الطائفتين فكل طائفة منهما صادقة فلهذا أخبرتك بكيفية ذلك وهكذا جميع ما يظهر للناس أنهم اختلفوا فيه فليس بين القوم بحمد الله خلاف فيما يتحققون به بل هم في شغلهم أصح وأحق من أهل الحس فيما يدركونه بحواسهم واعلم أن الدخول لهذا المنزل من الدينار الثاني الذي للرجولية والنهاية فيه إلى الدينار الرابع وهو تمام الرجولية التي بها يسمى الشخص رجلا كما قد قدمناه في ترتيب الايمان والولاية والنبوة والرسالة ولا خامس لها يكون خامس خمسة بل قد يكون لها خامس أربعة فاعلم ذلك وإذا تفطنت إلى ما فصله الحق تعالى عرفت أنت تفصيله فيما أجمله في قوله ولا أدنى من ذلك يعني الاثنين ولا أكثر يعني السبعة فما فوقها من الأفراد ففصل الحق بقوله ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولم يقل ولا أربعة إلا هو خامسهم فعرفنا من أدنى ذلك وأكثر أنه يريد الأفراد يشفعها بما ليس منها فتحققنا إن الغيرة حكمت هنا فلم تثبت لأحد فردية إلا شفعتها هوية الحق حتى لا تكون الأحدية إلا له فلا يشفع فرديته مخلوق ويشفع هو فردية المخلوقين ولذلك قال وهو معكم أينما كنتم ولم يقل وأنتم معه لأنه مجهول المصاحبة فيعلم سبحانه كيف يصحبنا ولا نعرف كيف نصحبه فالمعية له ثابتة فينا منفية عنا فيه فلم يقل ولا أربعة إلا هو خامسهم ولا اثنين إلا هو ثالثهما لأن الغيرة لا تتعلق بالشفعية في الأكوان لأن الشفع لها حقيقة وإنما تتعلق بالوترية إذا نسبت إلى الأكوان وهي لا تستحقها فنوترها بالحق ليكون الظهور له تعالى في الأشياء وهذا من أقوى الدلائل على وصفه تعالى بالغيرة لأنها مشتقة من رؤية الغير لأنه يستدعي المشاركة والله برئ من مشاركة الغير فهو برئ أن يكون غير الأحد أو يكون أحد غير إله قال صلى الله عليه وسلم لا أحد أو كما قال أغير من الله فوصفه بالغيرة وحكمها في هذا المقام قوي فهذا قد ذكرنا نبذا مما يعطيه هذا المنزل على ضيق الوقت والله يقول الحق وهو يهدي السبيل وفي هذا المنزل من العلوم علم الأحدية والفرق بينها وبين الوحدانية وعلم النسب الإلهي يقول الله تعالى يوم القيامة اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي أين المتقون وعلم البسائط والعلم الضروري وعلم التماثل والحمد لله رب العالمين ( الباب الثالث والسبعون ومائتان في معرفة منزل الهلاك للهوى والنفس من المقام الموسوي ) هلاك الخلق في الريح * إذا ما هب في اللوح ولاذ بغير مولاه * إله الجسم والروح ووعر مسلكا سهلا * بما قد جاء في نوح وفي لوط فيا نفسي * على ما قلته نوحي ولولا العشق آداه * بريق من سنا يوحي اعلم أن الله تعالى لما خلق الأفلاك وعمرها بالأملاك وقدر للكواكب السبعة السيارة فيها منازل تجري فيها إلى أجل مسمى تعين الزمان بجريانها وسباحتها وخلق المكانة قبل الأمكنة ومد منها رقائق إلى أمكنة مخصوصة في السماوات السبعة والأرض ثم أوجد المتمكنات في أمكنتها على قدر مكانتها فكان من تقدير الله العزيز العليم إن خلق عقلا من العقول أعلاما بما أودعه فيه من صفة القدرة لا من صفة غيرها خصه بذلك على أبناء جنسه وذلك من الاسم الظاهر الذي يختص بهذا العقل فالقى إليه ذلك بضرب من القهر سار فيه مودة لها ثلج وبرد وسرور فتفجرت فيه خمسة أنهار من العلم من الاسم الأول والآخر الذي يختص به هذا العقل ثم جرت هذه الأنهار في الاسم الباطن الذي له فتقدست أوليته على سائر الأوليات وآخريته على سائر الآخريات وكذلك ظاهره وباطنه وصدر عن أم الكتاب الذي عنده حضرة تسمى أم الجمع أدخلني الحق إياها فرأيتها ورأيت ظاهرها وباطنها وعاينت مكان هذا العقل منها نكتة سوداء مستورة نقية ما بين حمرة وصفرة وعاينت الرقيقة التي بين المكانة وهذا المكان المعين ورأيت موسى وهارون ويوسف عليهم السلام ناظرين إلى هذا العقل وفرع سبحانه من هذه الحضرة الجامعة التي اختصها لنفسه حضرات لا يعلم عددها إلا الله في السماء والأرض وما بينهما وما تحت الثرى إلى حد الاستواء كل هذه الحضرات للحق إليها نظر
582
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 582