نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 383
أن يكون عدما فبقي أن يكون وجودا وإذا كان وجودا فلا بد أن يكون المعدم شرطا أو ضدا وأن كل واحد من هذين إما أن يكون واجب الوجود أيضا لنفسه فمن المحال وجود هذا الذي دل الدليل على وجوب وجوده لنفسه ثم يساق الدليل على مساق الأدلة في المعقولات ثم يسافر في منزلة أخرى إلى أن ينفي عنه كل ما يدل على حدوثه فيحيل أن يكون هذا المرجح جوهرا متحيزا أو جسما أو عرضا أو في جهة ثم يسافر في علم توحيده بوجود العالم وبقائه وصلاحه إذ لو كان معه إله آخر لم يوجد العالم على تقدير الاتفاق والاختلاف كما يعطيه النظر ثم ينتقل مسافرا أيضا إلى منزلة تعطيه العلم بما يجب لهذا المرجح من العلم بما أوجده وخلقه والإرادة لذلك ونفوذها وعدم قصورها وعموم تعلق قدرته بإيجاد هذا الممكن وحياة هذا المرجح لأنها الشرط في ثبوت هذه النعوت له وإثبات صفات الكمال من الكلام والسمع والبصر بأنه لو لم يكن على ذلك لكان مؤوفا لأن القابل لا حد الضدين إذا عرى عن أحدهما لم يعر عن الآخر فإذا عرف هذا سافر إلى منزلة أخرى يعلم منها وتسفر له عن إمكان بعثة الرسل ثم يسافر فيعلم أنه قد بعث رسلا وأقام لهم الدلالة على صدقهم فيما ادعوه من أنه بعثهم ولما تقرر هذا وكان هو ممن بعث إليه هذا الرسول فآمن به وصدقه واتبعه فيما رسم له حتى أحبه الله فكشف له عن قلبه وطالع عجائب الملكوت وانتقش في جوهر نفسه جميع ما في العالم وفر إلى الله مسافرا من كل ما يبعده منه ويحجبه عنه إلى أن رآه في كل شئ فلما رآه في كل شئ أراد أن يلقي عصا التسيار ويزيل عنه اسم المسافر فعرفه ربه أن الأمر لا نهاية له لا دنيا ولا آخرة وأنك لا تزال مسافرا كما أنت على ذلك لا يستقر بك قرار كما لم تزل تسافر من وجود إلى وجود في أطوار العالم إلى حضرة ألست بربكم ثم لم تزل تنتقل من منزلة إلى منزلة إلى أن نزلت في هذا الجسم الغريب العنصري فسافرت به كل يوم وليلة تقطع منازل من عمرك إلى منزلة تسمى الموت ثم لا تزال مسافرا تقطع منازل البرازخ إلى أن تنتهي إلى منزلة تسمى البعث فتركب مركبا شريفا يحملك إلى دار سعادتك فلا تزال فيها تتردد مسافرا بينها وبين كثيب المسك الأبيض إلى ما لا نهاية له هذا سفرك بهيكلك وأما في المعارف فمثل ذلك وكذلك لا تزال مسافرا بالأعمال البدنية والأنفاس من عمل إلى عمل ما دام التكليف فإذا انتهت مدة التكليف فلا تزال مسافرا سفرا ذاتيا تعبده لذاته لا بأمره سبحان الذي أسرى بعبده ليلا فسافر به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ليريه من آياته وقد ذكرنا هذا السفر في جزء لنا سميناه الأسفار عن نتائج الأسفار وقال تعالى في المسافرين أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وقال أو لم يسيروا في الأرض فينظروا ويوم يرجعون إليه فهذا معنى المسافر ( الباب الحادي والتسعون ومائة في معرفة السفر والطريق وهو توجه القلب إلى الله بالذكر عن مراسم الشرع بالعزائم لا بالرخص ما دام مسافرا ) توجه القلب بالأذكار مرتحلا * على مراسم دين الله عنوان على التحقق إن القلب في سفر * عزما وفيه دلالات وبرهان وكل متصف بالسير راحته * معدومة العين والأحوال سلطان الرب ينزل من عرش إلى فلك * أدنى أتاك به وحي وفرقان إليك وحدك دون الخلق كلهم * وفي تنزله للكون تبيان على محبته فينا وصورته * تدعوه مني فلا يحجبك إنسان وأنت حق وذاك الحق أنزله * في مظهر قيدته فيه أركان اعلم أيدك الله أن السفر حال المسافر والطريق هو ما يمشي فيه ويقطعه بالمعاملات والمقامات والأحوال والمعارف لأن في المعارف والأحوال الأسفار عن أخلاق المسافرين ومراتب العالم ومنازل الأسماء والحقائق ولهذا استحقت هذا اللقب وقد مشى الكلام في السالك والسلوك بما قد وقفت عليه والإنسان لما كان مجموع العالم ونسخة الحضرة الإلهية التي هي ذات وصفات وأفعال احتاج إلى مطرق يطرق له السلوك عليها والسفر فيها ليرى العجائب ويقتني العلوم والأسرار فإنه سفر تجارة فكان المطرق الشارع والطريق المطرقة الشريعة فمن سافر في هذه الطريق وصل إلى الحقيقة
383
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 383