نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 368
إذا صادفت محلها ذلك الطرب أو الأثر الذي يجده السامع في نفسه فسلطانها قوي وذلك لقوة أصلها الذي تستند إليه فإن الأسماء الإلهية وإن كانت لعين واحدة فمعلوم عند أهل الله ما بينها من التفاوت ولما كان التفاوت معقولا فيها وعلم ذلك بآثارها علمنا أن الحقائق الإلهية التي استندت إليها هذه النغمات أقوى من الذي استند إليه الكلام فإنا نسمع قارئا يقرأ أو منشدا ينشد شعرا فلا نجد في نفوسنا حركة لذلك بل ربما نتبرم من ذلك في أوقات لأنه جاء على غير الوزن الطبيعي فإذا سمعنا تلك الآية أو الشعر من صاحب نغمة وفي حقها في الميزان أصابنا وجد وحركنا ووجدنا ما لم نكن نجد فلهذا فرقنا بين ما استندت إليه النغمات الطبيعية وبين ما استند إليه القول هذا ميزان المحسوس وأما ميزان العقل فينظر حكمة الترتيب الإلهي في العالم فإن كان من أهل السماع الإلهي فينظر ترتيب الأسماء الإلهية فيكون سماعه من هناك وإن كان من أهل السماع الروحاني فينظر ترتيب آثارها في العالم الأعلى والأسفل فيجد في كل مسموع فإن المسموعات كلها نغم عنده فمنهم من تكون له حركة محسوسة ومنهم من لا تكون له وأما الحركة الروحانية فلا بد منها ولله طائفة خرجت عن الحركات الروحانية إلى الحركات الإلهية وهو قول الجنيد وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ولكن في الحال التي تحسيها جامدة فتنسب الحركة إلى هذا الشخص نسبتها إلى الجناب الأقدس في فرحه بتوبة عبده وتبشبشه لمن أتى بيته فهذه أحوال إلهية يجب الايمان بها ولا يعقل لها كيفية إلا من خصه الله بها وكانت حركته في سماعه إلهية وهي من العلوم التي تنال ولا تنقال وليس الخير بالنزول إلى السماء الدنيا كل ليلة يشبه هذا الفرح ولا التبشبش لأن هذا الفرح عن سبب كوني ظهر وجوده سمع الحق عليه والنزول إلى السماء الدنيا عن أمر يتوقع لا عن أمر واقع فالأول يلحق بباب السماع والثاني لا يلحق به فاعلم ذلك وقد ربطنا السماع بما يجب له وحققناه ولم نترك منه فصلا ولا قسما إلا ذكرناه بأوجز عبارة ليوقف عنده وحكاياته كثيرة لا يحتاج إلى إيرادها فإن كتابنا هذا مبناه على تحقيق أصول الأمور لا على الحكايات فإن الكتب بها مشحونة والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ( الباب الثالث والثمانون ومائة في معرفة مقام ترك السماع ) الله الله لا عقل يصوره * والوهم يعبده في صورة البشر فالشرع يطلقه وقتا ويحصره * والكون يثبته في سائر الصور ترك السماع مقام ليس يدركه * إلا القوي من الأقوام في الخبر إن قال كن فلمن والعين واحدة * ولم يكن غيره في العين والأثر فما لكن عند هذا القول من أثر * بل عين كن لم تكن إن كنت ذا نظر ولم يقل بسماع القول غير فتى * متيم بمعاني الآي والصور لولا الكلام لما كان السماع وقد * جاء الكلام فكن منه على حذر السماع المطلق لا يمكن تركه والذي يتركه الأكابر إنما هو السماع المقيد المتعارف وهو الغناء قيل لسيدنا أبي السعود ابن الشبلي البغدادي ما تقول في السماع فقال هو على المبتدئ حرام والمنتهي لا يحتاج إليه فقيل له فلمن فقال لقوم متوسطين أصحاب قلوب وجاءت امرأة إلى رسول الله ص فقالت يا رسول الله إني نذرت أن أضرب بين يديك بالدف فقال لها إن كنت نذرت وإلا فلا فهو وإن كان مباحا فالتنزيه عنه عند الأكابر أولى وكان أبو يزيد البسطامي يكرهه ولا يقول به وقيل لابن جريج فيه فقال ليتني أخرج منه رأسا برأس لا علي ولا لي وأما مذهبنا فيه فإن الرجل المتمكن من نفسه لا يستدعيه وإذا حضر لا يخرج بسببه وهو عندنا مباح على الإطلاق لأنه لم يثبت في تحريمه شئ عن رسول الله ص فإن كان الرجل ممن لا يجد قلبه مع ربه إلا فيه فواجب عليه تركه أصلا فإنه مكر إلهي خفي ثم إن كان يجد قلبه فيه وفي غيره وعلى كل حال ولكنه يجده في النغمات أكثر فحرام عليه حضوره ولا أعني بالنغمات المسموعة في الشعر فقط وإنما أعني بوجود النغمة في الشعر وفي غيره حتى في القرآن إذا وجد قلبه فيه لحسن صوت القارئ ولا يجد قلبه فيه عند ما يسمعه من قارئ غير طيب الصوت فلا يعول على ذلك الوجد
368
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 2 صفحه : 368