responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 367


نتصرف مع السماع فهما مرتبطان لا يصح استقلال واحد منهما دون الآخر وهما نسبتان فبالقول والسماع نعلم ما في نفس الحق إذ لا علم لنا إلا بإعلامه وإعلامه بقوله ولا يشترط في القول الآلة ولا في السماع بل قد يكون بآلة وبغير آلة وأعني بآلة القول اللسان وآلة السماع الأذن فإذا علمت مرتبة السماع في الوجود وتميزه عن غيره من النسب فاعلم أن السماع عند أهل الله مطلق ومقيد فالمطلق هو الذي عليه أهل الله ولكن يحتاجون فيه إلى علم عظيم بالموازين حتى يفرقوا بين قول الامتثال وبين قول الابتلاء وليس يدرك ذلك كل أحد ومن أرسله من غير ميزان ضل وأضل والمقيد هو السماع المقيد بالنغمات المستحسنات التي يتحرك لها الطبع بحسب قبوله وهو الذي يريدونه غالبا بالسماع لا السماع المطلق فالسماع على هذا الحد ينقسم على ثلاثة أقسام سماع إلهي وسماع روحاني وسماع طبيعي فالسماع الإلهي بالأسرار وهو السماع من كل شئ وفي كل شئ وبكل شئ والوجود عندهم كله كلمات الله وكلماته لا تنفد ولهم في مقابلة هذه الكلمات إسماع لا تنفد تحدث لهم هذه الأسماع في سرائرهم بحدوث الكلمات وهو قوله ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه فمنهم من أعرض بعد السماع ومنهم من وقف عند ما سمع وهذا مقام لا يعلمه كل أحد وما في الوجود إلا هو ولكن يجهل ولا يعلم وهو يتعلق بأسماء الله تعالى على كثرتها فلكل اسم لسان ولكل لسان قول ولكل قول منا سمع والعين واحد من القائل والسامع فإن كان نداء أجبنا وامتثلنا وكان من قوله إن قال لنا ادعوني أستجب لكم فكما قال وسمعنا أمرنا عند ما جعل فينا قوة القول أن نقول فيسمع هو تعالى فمنا من يقول به كما قال إن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده فكلام صاحب هذا المقام كله نيابة ومنا من يقول بنفسه في زعمه وما هو كذلك في نفس الأمر فإن الله عند لسان كل قائل فكما أنه ليس في الوجود إلا الله كذلك ما ثم قائل ولا سامع إلا الله وكما قسمنا قولنا بين من يقول بالله ويقوله بنفسه كذلك سماعنا منا من يسمع بربه وهو قوله كنت سمعه الذي يسمع به ومنا من يسمع بنفسه في زعمه والأمر على خلافه فهذا هو السماع الإلهي وهو سار في جميع المسموعات وأما السماع الروحاني فمتعلقه صريف الأقلام الإلهية في لوح الوجود المحفوظ من التغيير والتبديل فالوجود كله رق منشور والعالم فيه كتاب مسطور فالأقلام تنطق وآذان العقول تسمع والكلمات ترتقم فتشهد وعين شهودها عين الفهم فيها بغير زيادة ولا ينال هذا السماع إلا العقول التي ظهرت لمستوي ولما كان السماع أصله على التربيع وكان أصله عن ذات ونسبة وتوجه وقول فظهر الوجود بالسماع الإلهي كذلك السماع الروحاني عن ذات ويد وقلم وصريف قلم فيكون الوجود للنفس الناطقة في سماع صريف هذه الأقلام في ألواح القلوب بالتقليب والتصريف وكذلك السماع الطبيعي مبناه على أربعة أمور محققة فإن الطبيعة مربعة معقولة من فاعلين ومنفعلين فأظهرت الأركان الأربعة أيضا فظهرت النشأة الطبيعية على أربعة أخلاط وأربع قوى قامت عليها هذه النشأة وكل خلط منها يطلب بذاته من يحركه لبقائه وبقاء حكه فإن السكون عدم فأوجد في نفوس العلماء حين سمعوا صريف الأقلام ما ينبغي أن يحرك به هذه النشأة الطبيعية فأقاموا لها أربع نغمات لكل خلط من هذه الأخلاط نغمة في آلة مخصوصة وهي المسماة في الموسيقى وهو علم الألحان والأوزان بالبم والزير والمثنى والمثلث كل واحد من هذه يحرك خلطا من هذه الأخلاط ما بين حركة فرح وحركة بكاء وأنواع الحركات وهذا لها بما هي نشأة طبيعية لا بما هي روحانية فإن الحركة في النشأة الطبيعية والسماع الطبيعي لا يكون معه علم أصلا وإنما صاحبه يجد طربا في نفسه أو حزنا عند سماع هذه النغمات من هذه الآلات ومن أصوات القوالين ولا يجد معها علما أصلا فإنه ليس هذا حظ السماع الطبيعي مع الحال الصحيح والوجد الصحيح الذي يطلبه الطبع وهو سماع الناس اليوم والسماع الروحاني يكون معه علم ومعرفة في غير مواد جملة واحدة والسماع الإلهي يكون معه علم ومعرفة في مواد وفي غير مواد عام التعلق يجده في السماع الطبيعي والروحاني لكن بالسمع الإلهي الذي يخص الطبع والعقل خاصة ومنهم من يعلم ذلك ومنهم من لا يعلمه مع كونه يجده ولا يقدر على إنكار ما يجد فسماع الحق مطلق كما أن وجوده مطلق وتمييزه عسير وللنغمات في الكلام الإلهي والقول أصل تستند إليه وهو أقوى الأصول ولهذا لها القوة والتأثير في الطباع فلا يستطيع أحد أن يدفع عن نفسه عند ورود النغمة وتعلق السمع بها

367

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 2  صفحه : 367
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست