نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 7 صفحه : 48
ومثاله : أن يجعل الفرد نذره مشروطا بأمرين أحدهما مقصود وهو الشفاء والآخر غير مقصود كقدوم المسافر صدفة ، ومثاله الأخر أن يجعل نذر التبرع منوطا بشيء غير مقصود . فكل ذلك مخالف للاحتياط ومقتضى أصالة البراءة في الوجود عدم نفوذه . ولا يقال : إنه إذا أمكن التعليق في شيء في النذر أمكن في كل شيء . وجوابه : أن القدر المتيقن في جواز التعليق في النذر هو التعليق في الأمور المقصودة . وأما التعميم إلى الأمور غير المقصودة فيحتاج إلى شكل من أشكال التجريد عن الخصوصية وهذا التجريد إنما يكون ممكنا مع عدم احتمال الفرق بين الموردين . وإما مع وجود هذا الاحتمال فلا . ولا شك أن الاحتمال العرفي قائم في الفرق بين الأمور المقصودة وغير المقصودة ، فيكون التجريد عن الخصوصية متعذرا . الأمر الثالث : إنه من الناحية الأخلاقية يمكن أن يقال إن الصدقة المنذورة أو أي طاعة أخرى إن اشترطها الفرد بشرط مقصود من جلب نعمه أو دفع بلاء فحصل مقصوده فذلك هو ثوابه عند اللَّه ولا يستحق ثوابا آخر غيره . وبتعبير آخر : إن الفرد الناذر قد عين ثوابه بنذره نفسه ولم يجعله منوطا بمشيئة اللَّه تبارك وتعالى بل عينه بشفاء مرضه أو قدوم ولده . فإذا رزق ذلك لم يستحق أكثر منه . وقد يخطر في الذهن : إن الصدقة تكون بعد الشفاء فكيف يكون الشفاء ثوابا لها أو جزاء عليها . وإنما الثواب تأخر عن الطاعة فيكون ذلك دليلا على وجود ثواب آخر غيره ، وهو المطلوب . وجوابه : أننا إن نظرنا إلى سعة رحمة اللَّه سبحانه لم نستبعد كثرة الثواب . إلَّا أن الفرد من حيث الاستحقاق ينحصر حقه فيما طلب . ولا فرق عند اللَّه بين أن يكون الثواب متقدما عن العمل ، بعد أن يكون اللَّه سبحانه وتعالى قد علم وجود الطاعة في ظرفها وزمانها فإن الماضي والمستقبل مذ كان في أمد اللا نهاية الذي تستوعبه الرحمة الإلهية .
48
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 7 صفحه : 48