نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 358
فقالوا : إن ظهرنا لهؤلاء أفنونا ، ولم يبق للدين أحد يدعو إليه . فتعالوا نتفرق في الأرض إلى أن يبعث اللَّه النبي الذي وعدنا به عيسى يعنون محمدا صلَّى اللَّه عليه وآله . فتفرقوا في غير أن الجبال . وأحدثوا رهبانية فمنهم من تمسّك بدينه ومنهم من كفر . ثم تلا هذه الآية * ( وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ ) * الآية . ثم قال : يا ابن أم عبد أتدري ما رهبانية أمتي ؟ قلت : اللَّه ورسوله أعلم . قال : الهجرة والجهاد والصلاة والصوم والحج والعمرة . وهذه الرواية ، غير معتبرة السند ، ومنافية مع بعض دلالات الآية الكريمة ، التي تحدثنا عنها . أهمها : أنها تدل على أن الرهبانية غير مكتوبة عليهم تشريعا وإنما هي مبتدعة في العصر المتأخّر عن المسيح عليه السلام . والقواعد العامة تقتضي التمسّك بالقرآن والأخذ به دون ما نافاه وتعارض معه . كما هو مسطور في علم الأصول . مضافا إلى أن هذه الحروب المشار إليها في الرواية غير مسجلة في التاريخ على ما اعتقد . ولكننا نعرف أيضا من القواعد المسجلة في علم الأصول أن سقوط بعض الخبر عن الحجيّة لا يقتضي سقوط الجميع . ومعه فيمكننا أن نأخذ ببعض مداليل هذه الرواية بغض النظر عن كونها غير معتبرة سندا . وعلى أي حال ، فنحن سنفهم منها أمورا مطابقة للقواعد . وغير متوقفة على صحة سند هذه الرواية . وأودّ أن أشير إلى الاستفادة منها ضمن أمرين رئيسين : الأمر الأول : أن الرهبانية حاصلة للظروف التي نسميها الآن بظروف التقية . فإن مثل هذه الظروف تحدث عند الخوف من الأعداء والظالمين ، وهم فعلا ، بنص الرواية قد خافوا من أعدائهم . ( فقالوا : إن ظهرنا لهؤلاء أفنونا ) .
358
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 358