نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 340
يمناه ثم من جانبه الأيسر . وهذا معناه : أولا : أن يكون العدد كثيرا وليس اثنتين فقط . ثانيا : أن يكون العدد زوجيا . فلو كان فرديا أمكن إشعار واحدة منها مستقلا من الجانب الأيمن . ثالثا : أنه لا ينبغي أن يفكر الفرد بجرح الناقة من كلا جانبيها . ومعه فلا بدّ أن يدخل في كل مرة بين اثنتين غير الاثنتين اللتين أشعرهما قبل قليل ، إذ لو كانت واحدة منها مشتركة لزم إشعارها من الجانبين . ولا يبعد أن يقال : إن الإشعار الثاني حرام لأنه ظلم للناقة بعد تطبيق الإشعار الشرعي عليها وسقوط الأمر به وإجزائه بالأول ، فيكون الثاني ظلما . الأمر الرابع : ورد في عدد من الروايات منها صحيحة جميل بن دراج حيث يقول : إذا أشعر وقلَّد وجلَّل . فما هو التجليل . وهل يكون ثالثا شرعا للإشعار والتقليد . إلَّا أننا من الناحية الفقهية ينبغي أن نجزم بعدم تأثيره شرعا لإعراض الفقهاء عنه إجماعا ، فلا يوجد عندهم غير التلبية والإشعار والتقليد من عواقد الإحرام ، ولا يذكرون التجليل . مع أن هذه الروايات بين أيديهم في منظر منهم ومسمع وفيها الصحاح . فالمهم أن نحمل فكرة عن التجليل وأصله اللغوي . والظاهر أنه عبارة أخرى عن الإشعار للبدن . لأن منشأه له احتمالات : الاحتمال الأول : أن يكون من جلل يجلَّل إذا علاه واستوعبه ، كالسحاب الذي يجلَّل السماء . فالبدن يجلَّلها الدم بالإشعار يعني يعلوها ويستوعبها . الاحتمال الثاني : أن العرب كانت تصطلح على الإبل بالجليل [1] . فيقولون : ما له دقيقة ولا جليلة أي ما له شاة ولا ناقة . ويقال : ما له جل ولا قل أي لا دقيق ولا جليل يريدون عين ما سبق ، ويقال : أتيته فما أجلَّني