نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 273
عليه السّلام لما خلف إسماعيل بمكة عطش الصبي ، وكان فيما بين الصفا والمروة شجر ، فخرجت أمّه حتى قامت على الصفا فقالت هل بالوادي من أنيس ؟ فلم يجبها أحد . فمضت حتى انتهت إلى المروة فقالت : هل بالوادي من أنيس ؟ فلم يجبها أحد . ثم رجعت إلى الصفا . فقالت كذلك حتى صنعت سبعا . فأجرى اللَّه ذلك سنّة . الحديث . وهناك جانب آخر مشار إليه في الروايات من مصالح السعي ، فإنه يحتوي على ذلَّة وكفكفة من غلواء النفس ، وخاصة في الهرولة المستحبة في بعض ذلك الطريق . فعن معاوية بن عمار [1] قال : قال أبو عبد اللَّه عليه السّلام ما للَّه تعالى منسك أحبّ إلى اللَّه تبارك وتعالى من موضع المسعى وذلك أنه يذل فيه كل جبار عنيد . وعن أبي بصير قال سمعت أبا عبد اللَّه عليه السّلام يقول : ما من بقعة أحب إلى اللَّه عزّ وجلّ من المسعى لأنه يذل فيه كل جبار . هذا ويتكرر السعي في الحج الواحد ، بمعناه الاعتيادي ، مرتين ، إحداهما : سعي العمرة والأخرى سعي للحج ويتكرر الطواف ثلاث مرات : طواف العمرة وطواف الحج وطواف النساء . وقد يسمّى طواف وسعي الحج بطواف الزيارة ، وحج الزيارة ، لأنهما يكونان بزيارة البيت العتيق بعد الانتهاء من الموقفين ووظائف عيد الأضحى . ويتضمن التكرار فيما نفهم معنيين مهمين : المعنى الأول : تأكيد المفاهيم المقتبسة من هذين العملين الجليلين ، وليس كما قيل : ليس في الإعادة إفادة . بل التربية النفسية والعقلية كثيرا ما تقتضي التكرار من أجل الرسوخ وحصول التكامل . المعنى الثاني : أن المفهوم شرعيا وفقهيا أن العمرة عمل غير الحج . إذن ، فلا بدّ من وجود الطواف والسعي في كل منهما مستقلا .