نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 264
الفرد خلاله من الأكفان . تلك الحال التي تعرب وتفصح عن التساوي بين الناس بشكل أصرح ويكون انعدام الفوارق بين القبور أجلى وأوضح . وذكر الموت مطلوب من العبد المسلم المخلص ، بلا إشكال وله آثار مهمة وعميقة في حياة الفرد . وإنما ينحرف الناس ويفسد الفاسقون ، عند إهمال ذكر الموت ، حتى قال أمير المؤمنين عليه السّلام : ما رأيت يقينا أشبه بالشك من الموت . فذكر الموت ذكر لثواب اللَّه وعقابه ، ومصير الفرد وذلته وقصوره وضعفه وانقطاعه عن الدنيا بما فيها . الأمر الذي يشحذ همة الفرد للطاعة ، وترك المعصية ، وتطهير النفس وتزكية القلب والتوجّه إلى الرب . قال أمير المؤمنين [1] عليه السّلام : أحي قلبك بالموعظة وأمته بالزهادة وذلَّله بذكر الموت . الانطباع الثالث : أن احتشاد الناس المحرمين في المسجد الحرام للطواف أو في الموقفين أو في منى أو غيرها لأداء فرائض الحج وواجباته ، يعطي صورة واضحة عن احتشاد الناس في المحشر يوم القيامة ، حين يقوم الناس لرب العالمين للحساب والثواب والعقاب . ومن المعلوم أن الفرد إذا تذكَّر آخرته ، لم يبق بينه وبين الرغبة في الطاعة ولا الارتداع عن المعصية أي عائق غير الغفلة والتناسي . النقطة الثالثة : في التلبية التي ينعقد بها الإحرام . فإن الإحرام على ما يحتوي من المعنويات التي عرفنا جملة منها . لا ينبغي أن يمر مرور الكرام بدون أن ينعقد بذكر اللَّه والاستجابة لنداء اللَّه عزّ وجلّ إذ أوجب الحج على المسلمين وناداهم للمجيء إلى رحمته والحضور إلى بيته . وهذا النداء حصل مرتين ، وإن كانت فكرته بالأصل واحدة : أولا : حصل من قبل إبراهيم الخليل سلام اللَّه عليه عندما انتهى من