نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 263
ولا حاجة إلى سرد السنّة الشريفة بذلك بعد نطق القرآن الكريم به . فأما الذين نالوا من الدنيا شهواتهم وأشبعوا حاجاتهم وغرائزهم فإنه يقال لهم في الآخرة * ( أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ ) * الآية [ الأحقاف : 20 ] . وأما الذين صبروا في ضيق الدنيا وبلائها وكفّوا نفوسهم عنها ، فيقال لهم في الآخرة * ( سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ) * [ الرعد : 24 ] . والإحرام إذ يحتوي على الكف عن الدنيا وتضييق النيل منها والمشي على صراط الصبر فيها . يكون محتويا لا محالة على رجحان الميزان الأخروي وزيادة النصيب من الثواب المعنوي . ويقال لهم في الآخرة - عند إخلاص النية وقبول الحج - * ( سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ) * . النقطة الثانية : في لباس الإحرام غير المخيط ، والذي يغلب أن يكون أبيض وبسيطا لا يعدو أن يكون منشفتين كبيرتين يلف الفرد بإحداهما وسطه ويجعل الأخرى على كتفيه . فهذا الذي يعطي عدة انطباعات صحيحة : الانطباع الأول : أن زي الإحرام يتساوى فيه الرئيس والمرؤس والغني والفقير والعزيز والحقير . كلهم بزي واحد وعمل واحد وفي سبيل هدف واحد وعبادة واحدة . جمعهم التشريع الإلهي على صعيد واحد ، وألغى بينهم الفوارق الدنيوية والزخارف الزائفة الفانية . وتبقى اللذة الحقيقية الباقية هي حلاوة التقوى وطعم الإيمان وبرد اليقين . وهذا الانطباع هو الذي قد يقرع سمعك عادة ، على أنه هو المصلحة الرئيسية في الحج ، ولعمري إنها مصلحة مهمة ولكنها متعلقة بصفة واحدة من عمل واحد من أعمال الحج وهو الإحرام . وقد عرفنا ونعرف ما للحج عموما من مميزات أخرى كبيرة . الانطباع الثاني : أن زي الإحرام يذكر بحال الموت وزيه وما يلبس
263
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 263