نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 178
الجهة الخامسة : في التمييز بين التمييز والرشد . فإن التمييز غير الرشد . فالتمييز هو أن يكون الفرد بشكل من الوضوح الذهني بحيث يفهم التكاليف الشرعية ، أو بعض خصائصها ، مما أشرنا إليه فيما سبق . في حين أن الرشد شيء آخر ، وهو عرفا ، القدرة على المماكسة في المعاملات ، كل واحد حسب وضعه الاجتماعي والثقافي وعمله وعمل أسرته وأبيه . والمهم والقدر الجامع بين كل ذلك هو أن يفهم الفرد معنى المعاملات أولا كالبيع والشراء على الأقل مع استطاعته أن لا يكون مغبونا غبنا معتدّا به بدون أن يلتفت . وقولنا ( بدون أن يلتفت ) ضروري في الموضوع ، لأن الفرد قد يلتفت إلى كونه مغبونا قليلا أو كثيرا ، ومع ذلك يرضى بذلك . وهذا أمر لا ينافي الرشد بل قد يؤكده إذا كانت جهات الرضا بالغبن واضحة وصحيحة اجتماعيا . كما أن قولنا ( غبنا معتدّا به ) ضروري أيضا . فلو كان الغبن قليلا جدّا ، خاصة مما يتعارف بين الناس . فهذا أيضا لا ينافي الرشد . وليس من الضروري في الرشيد أن يزيد على ذلك بحيث يصبح ماكرا يستطيع أن يخدع الآخرين ويتهرب من مسئولياتهم . فإن المكر مرتبة غير الرشد . مع العلم أن المكر قد يورط الفرد بالحرام بخلاف الرشد . والصبيّ ، كما قد يتصف بالتمييز ، قد يتصف أيضا بالرشد . والمهم في ثبوت المستحبات عليه هو التمييز لا الرشد . فلو كان مميزا غير رشيد شمله الحكم أيضا . فإن الأدلة السابقة كلها تشمل الصبيّ المميز سواء كان رشيدا أو غير رشيد .
178
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 2 صفحه : 178