فيما بين عبديه - اللذين أحدهما سميع والآخر أصمّ - بالسميع ، فالخطاب قبل سماعه موجود لكن بلحاظ أنّه سيوجد ، لكن قام إجماع الإماميّة وأخبارهم على نفي هذا ، وأنّ حكم اللَّه يشترك فيه العالم والجاهل . هذا في العلم . وهل يمكن تصوير ذلك في الظن أيضا بأن يكون جعل الحكم مختصّا بمن يرى الشارع أنّه سيظن به ، ولا شبهة في إمكانه في نظر غير الظان كما عرفته في العلم ، لكن في نظر نفس الظان هل يمكن أو لا ؟ التحقيق إمكانه وغايته أنّه ينقلب الظن علما ، وليعلم أنّ المراد أن يصير الظن بالحكم مورّثا بوجوده العلمي لجعل نفس هذا الحكم لا لحكم آخر مثله ، فإنّه في غاية الإمكان ، كما أنّه لا فائدة في أن يصير الظن الموصل بالواقع كذلك ، فإنّ الظانّ لا ينسدّ عليه احتمال خطائه فغايته ظنّه الإصابة ، فلا يفيد في حقّه إلَّا الظن بالنتيجة ، فما نحن فيه أن يكون الظن بحكم الوجوب صرفا من دون قيد كونه مطابقا للواقع محدثا له بوجوده اللحاظي كالعلَّة الغائيّة ، وهذا أيضا لا شبهة في إمكانه ؛ فإنّ الشيء يمكن أن يكون بحدوثه مزيلا ورافعا لبقاء نفسه ، فهذا الظن بحدوثه يقلَّب نفسه علما وهذا لا غبار في إمكانه . وهنا قسم ثالث نسبه شيخنا المرتضى في جواب ابن قبة إلى شيخ الطائفة في العدّة ، وهو أن يكون الأوصاف الطارئة على الحكم من المشكوكيّة والمظنونيّة كسائر العناوين موجبا لانقلاب المصلحة الواقعيّة ، فحال الحكم الواقعي كحليّة الغنم من الأحكام الحيثيّة ، فالحكم الواقعي فعلي في حقّ غير العالم بخلافه ، شأني في حقّه ، فلا يتوقّف الفعليّة على العلم حتّى يلزم الدور السابق ، بل على عدم العلم بالخلاف ، فالعلم بالخلاف رافع لا أنّ العلم بالوفاق محدث ، هذا في فعليّة الحكم الواقعي .