وأمّا ولاية الحكَّام فهي تابعة لمدركها ، فإن كان المدرك مثل التوقيع الشريف [1] الآمر بإرجاع الحوادث الواقعة إلى الفقيه ، فالمستفاد منه صرف المرجعيّة فيجوز لو عيّن فقيه من يصلَّي على الميّت أو من يقوم بأمر أمواله أو وضع اليد على مال أن يزاحمه فقيه آخر ويفعل خلاف ما أراد الأوّل وبنى عليه لأنّه أيضا مرجع ولا يخرج عن المرجعيّة بمجرّد شروع الأوّل في مقدّمات التصرّف ، نعم لو صدر منه التصرّف فهو من باب فقدان الموضوع . وإن كان المدرك عمومات النيابة فالظاهر عدم جواز مزاحمة الفقيه الآخر ، لأنّه كمزاحمة نفس الإمام فيما أراده ودخل في مقدّماته ، فكما لا يجوز مزاحمته - عليه السلام - لا يجوز مزاحمة نائبه - صلوات الله عليه - فأدلَّة النيابة عن الإمام - عليه السلام - لا يشمل ما كان فيه مزاحمة الإمام - عليه السلام - ، هذا ما ذكره - قدّس سرّه . وقد تنظَّر فيه شيخنا الأستاذ - دام بقاه - بأنّه لا فرق بين الوجوه الثلاثة من جهة هذه الثمرة سواء كان المدرك للولاية هو القدر المتيقّن أم الأدلَّة اللفظية ، أمّا على الأوّل فلأنّ القدر المتيقّن من الخروج عن خلاف الأصل الأوّلي من عدم جواز التصرّف في أنفس الغير وأمواله وإعراضه صورة عدم تصدّي فرد آخر من العنوان ، فيخرج الباقي عن القدر المتيقّن ، ولا فرق بين الحكم والولاية والنيابة وهذا واضح . وأمّا على الثاني ، فيدور الأمر مدار استفادة العموم الأزماني من الدليل ، فإنّ الدليل الآمر برجوع العوام مثلا في الوقائع الحادثة إلى الحكَّام إن كان ناظرا إلى زمان دخول فقيه آخر أيضا نظير ما يقال في التخيير الاستمراري في دليل التخيير
[1] - الوسائل : ج 18 ، الباب 11 ، من أبواب صفات القاضي ، ص 101 ، ح 9 .