فالكلام ممحّض في البيع المنجّز مع الترديد في الثمن ، وهو الذي وقع التعبير عنه في الأخبار بشرطين في بيع تارة ، وبيعين في بيع أخرى ، وصفقتين في صفقة ثالثة ، والأقوى فيه القول بالفساد بمعنى عدم ترتّب الأثر المقصود وكونه موضوعا للحكم شرعا باستحقاق البائع بإزاء المبيع أقلّ الثمنين في أبعد الأجلين . أمّا الفساد فلأجل ما ورد من النهي عن شرطين في بيع وبيعين في بيع وصفقتين في صفقة ، وقوله - عليه السلام - : « من ساوم بثمنين أحدهما عاجل والآخر نظرة فليسمّ أحدهما قبل الصفقة » [1] فإنّه إمّا يحمل ذلك النهي وهذا الأمر على الإرشاد وإمّا على التحريم ، فعلى الأوّل يدلّ على الفساد ، بمعنى أنّه إذا أردت أن ينفذ مقصودك فافعل هكذا ، وعلى الثاني لا ينافي مع ما دلّ على الفساد بهذا المعنى مع ترتّب أثر آخر وهو ما دلّ على المطلب الثاني وهو روايتان . إحداهما : رواية محمّد بن قيس المعتبرة « قال أمير المؤمنين - عليه السلام - : من باع سلعة فقال : إنّ ثمنها كذا وكذا يدا بيد وثمنها كذا وكذا نظرة فخذها بأيّ ثمن شئت وجعل صفقتها واحدة فليس له إلَّا أقلَّهما وإن كانت نظرة » [2] فإنّ هذا ظاهر في أنّه ليس للبائع استحقاق أزيد من الأقلّ ، وإن كان على وجه النظرة فليس له استحقاق الزيادة ولا استحقاق المطالبة قبل الأجل ، نعم لا ينافي هذا مع وجوب التعجيل على المشتري وكونه عاصيا بالتأخير نظير من اشترى نسية ونذر قبل الأجل أداء الثمن ، فإنّه عاص بالتأخير لمخالفة النذر ولكنّ البائع غير مستحقّ للمطالبة قبل الأجل .
[1] - الوسائل : ج 12 ، الباب 2 ، من أبواب أحكام العقود ، ص 367 ، ح 1 . [2] - المصدر نفسه .