شاؤوا قتلوه وإن شاؤوا استرقّوه لأنّه إذا قتل الأوّل استحقّ أولياؤه ، فإذا قتل الثاني استحقّ من أولياء الأوّل فصار لأولياء الثاني ، فإذا قتل الثالث استحقّ من أولياء الثاني فصار لأولياء الثالث ، فإذا قتل الرابع استحقّ من أولياء الثالث فصار لأولياء الرابع إن شاؤوا قتلوه وإن شاؤوا استرقّوه » [1] ، حيث دفع الاسترقاق في الجميع في قبال القتل محفوظيّة ملك المالك وإنّما ينتقل بالاسترقاق ، وليس في قباله ظهور إلَّا ما يتوهّم من ظهور « دفع » وظهور اللام ولا ظهور لهما بعد ما ذكرنا لملاءمتهما مع كون الحقّ مفوّضا إليهم ، ولا اختيار للمولى كما يكون له في جناية الخطاء ثمّ على فرض التسليم فلا أقل من التكافؤ فيرجع إلى استصحاب الملكيّة ، هذا تمام الكلام في مسألة جناية العمد ، وأمّا الخطاء فالأمر فيه واضح ممّا مرّ في العمد . والفرق إنّما هو في أنّ التخيير بين الأرش أو أقلّ الأمرين وبين دفع العبد أو ما قابل الجناية يكون للمولى ، وقد كان هناك التخيير للمجنيّ عليه ، ومن هنا قد يتوهّم هنا أنّ اختيار البيع التزام من المولى بالفداء ، وفيه : أنّ البيع لا دلالة فيه على الالتزام أوّلا ، وعلى فرضه فلا دليل على صيرورته بمجرّد الالتزام متعيّنا في الذمّة بمعنى انقطاع يد المجنيّ عليه عن الرقبة ، فلا يكون له الانتزاع لو امتنع المولى عن الفداء ، فإنّ كون التخيير بيده لا يدلّ على كون اختيار تعيين الفداء في ذمّته أيضا بيده ، ولو لم يرض المجنيّ عليه . وبالجملة فالمبيع هنا متعلَّق لحقّ الغير ، غاية الأمر لحقّ تقديري يقدّرها امتناع المولى عن دفع الفداء ، فيجري هنا عين ما تقدّم في العمد حرفا بحرف .
[1] - الوسائل : ج 19 ، الباب 45 ، أبواب القصاص في النفس ، ص 77 ، ح 3 .