وبين موارد الوجهين عموم من وجه ، فمادّة الافتراق من الأوّل كما لو قام الدليل على جواز تصدي بعض الأمور العامّة الغير المتعلَّقة بالسياسة لكلّ أحد من غير إناطته بإذن وليّ الأمر ، فيكون حال هذا الأمر العام نظير الأمر الجزئي الشخصي في مال نفس المتصدّي وأمور شخصه ، كما لو قيل : بأنّ القضاء يكون هكذا ، يعني لا يحتاج بعد معرفة موازين القضاء إلى نصب وليّ الأمر والسلطان . ومن الثاني كما لو قلنا بأنّ الفقيه في حال الغيبة أعطي منصب مرجعيّة الأمور ، ولكن بعد مشروعيتها من الخارج وإن كان استنباط ذلك من الأدلَّة أيضا من شأنه ، ولكن منصب مرجعيّته لا يقتضي في حدّ ذاته أزيد من كون الأمور المشروعة الراجعة إلى الناس واقعة برأيه ونظره . ثمّ إذنه المعتبر في تصرّف الغير إمّا يكون على وجه الاستنابة كوكيل الحاكم ، وإمّا على وجه التفويض والتولية كمتولَّي الأوقاف من قبل الحاكم ، وإمّا على وجه الرضا كإذن الحاكم لغيره في الصلاة على ميّت لا وليّ له . إذا عرفت هذا فلا بدّ أوّلا من تأسيس الأصل فنقول : كل معروف علم من الشارع إرادة وجوده في الخارج ، فإن علم أنّه وظيفة شخص خاص كولاية الأب على مال ولده الصغير ، أو صنف خاص كالقضاء والإفتاء أو كلّ من يقدر على القيام به كالأمر بالمعروف ، فلا إشكال في شيء من ذلك ، وإن لم يعلم ذلك واحتمل كونه مشروطا في وجوده أو وجوبه بنظر شخص خاص ، فإن كان لدليل هذا التصرّف إطلاق في جوازه لكلّ أحد من دون اشتراط إذن أحد ، كما لو كان على سبيل المثال لآية : « السَّارِقُ والسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما » [1] إطلاق ، أو علم من