responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب نویسنده : علي بن محمد الحموي ( ابن حجة الحموي )    جلد : 1  صفحه : 48


وكان غرس التمني يانعا فذوي * بالاستعارة من نيران هجرهم الاستعارة عندهم أفضل من المجاز وهي أخص منه إذ قصد المبالغة شرط في الاستعارة دون المجاز وموقعها في الأذواق السليمة أبلغ وليس في أنواع البديع أعجب منها إذا وقعت في مواقعها وللناس فيها اختلاف كثير وأما أصحاب المعاني والبيان فإنهم أطلقوا فيها أعنة أقلامهم وجالوا بها في ميادين البحوث وليس الغرض هنا إلا نفس الاستطراد إلى ما وقع فيها من المحاسن نظما ونثرا بعد تقريبها إلى الأذهان بحدود يزول بها الالتباس حد الرماني الاستعارة فقال هي تعليق العبارة على غير ما وضعت له في أصل اللغة على سبيل النقل وذكر الخفاجي كلام الرماني وقال تفسير هذه الجملة قوله عز وجل واشتعل الرأس شيبا استعارة لأن الاشتعال للنار ولم يوضع في أصل اللغة للشيب فلما نقل إليه بان المعنى لما اكتسبه من التشبيه لأن الشيب لما كان يأخذ من الرأس شيئا فشيئا حتى يحيله إلى غير لونه الأول كان بمنزلة النار التي تسري في الخشب حتى تحيله إلى غير حاله المتقدمة فهذا هو نقل العبارة عن الحقيقة في الوضع للبيان ولا بد أن تكون الاستعارة أبلغ من الحقيقة لأجل التشبيه العارض فيها لأن الحقيقة لو قامت مقامها لكانت أولى بها ولا يخفى على أهل الذوق أن قوله تعالى واشتعل الرأس شيبا أبلغ من كثر شيب الرأس وهو حقيقة ولا بد للاستعارة من مستعار منه ومستعار ومستعار له فالنار مستعار منها والاشتعال مستعار والشيب مستعار له انتهى ومنهم من قال هي ادعاء معنى الحقيقة في الشيء للمبالغة في التشبيه وهذا يؤيد قول ابن جني إن لم تكن الاستعارة للمبالغة وإلا فهي حقيقة وكلام ابن جني حسن في موضعه فإن الشئ إذا أعطي وصف نفسه لم تكن استعارة وقال ابن المعتز هي استعارة الكلمة لشيء لم يعرف بها من شيء عرف بها كقول النبي ضموا مواشيكم حتى تذهب فحمة العشاء فاستعار الفحمة للعشاء لقصد حسن البيان ومنهم من قال هي استعارة الشيء المحسوس للشيء المعقول قال فخر الدين الرازي هي جعلك الشيء للشيء للمبالغة في التشبيه وقال ابن أبي الأصبع في تحرير التحبير هي نقل اسم الراجح إلى المرجوح لطلب المبالغة في التشبه وحسن البيان فإنك إذا قلت زيد أسد فقد نقلت اسم الأسد لزيد لكن الأسد راجح في الجراءة وزيد مرجوح وقد بالغت في تشبيه زيد بالأسد وأحسنت البيان انتهى ولا تحسن الاستعارة إلا إذا كان التشبيه مقررا وكلما زاد التشبيه خفاء زادت الاستعارة حسنا وما أحسن قول ذي الرمة هنا أقامت بها حتى ذوى العود في الثرى * وكف الثريا في ملاءته الفجر فاستعار للفجر ملاءة وأخرج لفظه مخرج التشبيه وكان أبو عمرو بن العلاء لا يرى أن لأحد مثل هذه الاستعارة وأحسن الاستعارات ما قرب منها دون ما بعد وأعظمها في هذا الباب قوله تعالى والصبح إذا تنفس فإن ظهور الأنوار من المشرق من أشعة الشمس قليلا قليلا بينه وبين إخراج النفس مشابهة شديدة القرب ومن هذا النور استضاء الحريري في مقاماته بقوله إلى أن عطس أنف الصباح وقد تقدم أن بعد الاستعارة يبعد من القلوب عند أهل الذوق كقول أبي نواس مع يقظته بح صوت المال مما * منك يشكو ويصيح فأي شيء أبعد استعارة من صوت المال وكيف يصيح ويبح من الشكوى ومثله قول بشار وجدت رقاب الوصل أسياف هجرنا * وقدت لرجل البين نعلين من خدي قال ابن رشيق في العمدة ما أقبح رجل البين وأهجن استعارتها وكذلك رقاب الوصل ومثله قول ابن المعتز وهو من أنقد النقاد كل يوم يبول زب السحاب وأين هذا البعد من قرب استعارة ابن نباتة القديم في قوله حتى إذا نهر الأباطح والثرى * نظرت إليه بأعين النوار فنظر أعين النوار من أشبه الاستعارات وأليقها وأقربها لأن النوار يشبه العيون إذا كان مقابلا

48

نام کتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب نویسنده : علي بن محمد الحموي ( ابن حجة الحموي )    جلد : 1  صفحه : 48
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست