جعلتك للتمييز نصبا لناظري * فهلا رفعت الهجر فالهجر فاعل قلت ومن أغرب ما وقع في هذا الباب أن شرف الدين محمد بن عنين مرض فكتب إلى الملك المعظم هذين البيتين أنظر إلي بعين مولى لم يزل * يولي الندى وتلاف قبل تلافي أنا كالذي أحتاج ما يحتاجه * فاغنم ثنائي والدعاء الوافي فجاءه الملك المعظم يعوده ومعه ألف دينار وقال له أنت الذي وأنا العائد وهذه الصلة ومنه قول البهاء زهير يا ألفا من قده أقبلت * بالله كوني ألف الوصل ومنه قول الأمير أمين الدين علي السليماني أضيف الدجا معنى إلى لون شعره * فطال ولولا ذاك ما خص بالجر وحاجبه نون الوقاية ما وقت * على شرطها فعل الجفون من الكسر ومنه قول شمس الدين بن العفيف يا ساكنا قلبي المعنى * وليس فيه سواه ثاني لأي معنى كسرت قلبي * وما التقى فيه ساكنان أما البيتان فإنهما في غاية اللطف ولكن أوردوا عليهما أيضا إيرادا حسنا وهو أن الساكنين إذا اجتمعا كسر أحدهما وهو الأول وكلامه في البيتين أن المكسور غير الاثنين ومنه قول ابن الوردي شاعر أخرج نصفا زغلا * عند خباز فلما أن عرف قال لم تصرف هذا قال مه * يصرف الشاعر ما لا ينصرف قلت قد أتيت في معنى هذه النكتة بما هو أبدع من بيت زين الدين بن الوردي وما ذاك إلا أن مولانا المقر الأشرف القاضوي الناصري محمد بن البارزي الجهني الشافعي صاحب دواوين الإنشاء الشريف رحمه الله أحالني على شهاب الدين الذهبي بخمسين دينارا ومطل بها مدة فكتبت إليه قد منعتم صرف الدنانير عني * ولكم في الورى هبات كثيره وأنا شاعر وفي شرع نظمي * صرفها جائز لأجل الضرورة ويعجبني في هذا الباب إلى الغاية قول الشيخ زين الدين بن الوردي رحمه الله تعالى وأغيد يسألني * ما المبتدا والخبر مثلهما لي مسرعا * فقلت أنت القمر وحكي أنه كان بالعراق غلامان أحدهما اسمه عمر والآخر أحمد فعزل عمر عن عمله وولي أحمد مكانه بسبب ما وزنه فقال بعض الشعراء في ذلك أيا عمر استعد لغير هذا * فأحمد في الولاية مطمئن وكل منكما كفوء كريم * ومنع الصرف فيه كما يظن فيصدق فيك معرفة وعدل * وأحمد فيه معرفة ووزن ومنه قول الفاضل لي عندكم دين ولكن هل له * من طالب وفؤادي المرهون فكأنني ألف ولام في الهوى * وكأن موعد وصلك التنوين ويعجبني في الاقتباس من علم العروض قول القائل وبقلبي من الجفاء مديد * وبسيط ووافر وطويل لم أكن عالما بذاك إلى أن * قطع القلب بالفراق الخليل