والآخرة به رقم كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل وسنة نبيه التي تهذب الخواطر الخواطل فبينه وبين من يفاخره الكتاب والسنة وحسبه ما جرى على يده الشريفة من منه إن نظمت فرائد العلوم فالقلم سلكها وإن علت أسرة الكتب فإنما هو ملكها هذا وهو الجاري بما أمر الله به من العدل والإحسان والمسود الناظر فكأنما هو لعين الرأي إنسان طالما قاتل على البعد والصوارم في القرب وأوتي من المعجزات نوعا من النصر والرعب لا يعاديه إلا من سفه نفسه ولبس لبسه وطبع على قلبه وفل الجدال من غربه وكيف يعادي من إذا كرع من نفسه فقل إنا أعطيناك الكوثر وإذا ذكر شانئه فقل إن شانئك هو الأبتر فعند ذلك نهض السيف عجلا وتلمظ لسانه للقول مرتجلا وقال بسم الله الرحمن الرحيم وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز الحمد لله الذي جعل الجنة تحت ظلال السيوف وشرع حدها في ذوي العصيان فأغصتهم بماء الحتوف وشيد بها مراتب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص وعقد مرصوف وصلى الله على سيدنا محمد هازم الألوف وعلى آله وأصحابه الذين طالما محوا بريق الصوارم من سطور الصفوف وسلم أما بعد فإن السيف زند الحق القوي وزنده الوري به أظهر الله الإسلام وقد جنح خفاء وجلا شخص الدين الحنيفي وقد جمح جفاء وأجرى سيوله بالأباطح فأما الحق فمكث وأما الباطل فذهب جفاء وحملته اليد الشريفة النبوية وخصته على الأقلام بهذه المزية وأطلعته في ليالي النقع والشك سراجا وهاجا وفتح باب الدين إلى أن دخلت فيه الناس أفواجا فهو ذو العزم الثاقب وسماء المجد الذي زينت آثاره بزينة الكواكب والحد الذي كأنه ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب تحسم به أدواء الفتن المضلة وتحذف هممه الجازمة حروف العلة ويحيى من سماء القتام بالضرب فقل يسألونك عن الأهله يجلس على رؤوس الأعداء قهرا ويصرع أبناء الشجاعة قائلا للقلم ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبرا وهل يفاخر من وقف الموت على بابه وعضت الحرب الضروس بنابه وقذف شياطين القراع بشهبه ومنح آيات شريفة منها طلوع الشمس من غربه ومنها أن الله أنشأ برقه وكان للمارد مصرعا وللرائد مرتعا ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا فقام القلم في دواته وقعد واضطرب على وجه القرطاس وارتعد وانحرف إلى السيف وقال أيها المضر بطبعه المغر بلمعه الناقض حبل الأنس بقطعه الناسخ بهجره من ظلال العيش فيأ السراب الذي يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا الحبيس الذي طالما عادت عليه عوائد شره الكمين الإبليس الذي لو أمر لي بالسجود لقال خلقتني من نار وخلقته من طين فاقطع عنك أسباب المفاخرة واستر من نابك في هذه المكاشرة فما يحسن بالصامت محاورة المفصح والله يعلم المفسد من المصلح أولست الذي قيل فيه شيخ يرى الصلوات الخمس نافلة * ويستحل دم الحجاج في الحرم فدع عنك هذا الفخر المديد وتأمل قدري إذا كشف عنك الغطاء فبصرك اليوم حديد قلت ولولا خشية الإطالة لأوزدت هنا رسالة السيف والقلم بكمالها ولكن في هذا القدر من نور اقتباسه ما يهتدي به الأعشى ويستغني بإنشائه عن سلافة الإنشا ومن غريب اقتباسات الشيخ جمال الدين أيضا ما كتب به مع منقد نحاس وهو قوله فيه طالما حمدت معاشرته ولذت في الليالي مسامرته وأطلع من أفقه نجوما سعيدة القران وتلا على الريح والثلج يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران ومن ذلك بديع الاقتباس للشيخ زين الدين بن الوردي في خطبته في الكلام على المائة غلام وهو لعمري ما أنصفني من أساء بي الظن وقال إني رضيت مع درجة العلم بهذا الفن والصحابة كانوا ينظمون وينثرون ونعوذ بالله من قوم لا يشعرون ومن ذلك قوله في