لا تعرضن على الرواة قصيدة * ما لم تكن بالغت في تهذيبها وإذا عرضت الشعر غير مهذب * عدوه منك وساوسا تهذي بها ومثله قول القائل يا من تدل بمقلة * وأنامل من عندم كفي جعلت لك الفدا * أسياف لحظك عن دمي ومثله قول ابن أسد الفارقي غدونا بآمال ورحنا بخيبة * أماتت لنا أفهامنا والقرائحا فلا تلق منا غاديا نحو حاجة * لتسأله عن حاجة والق رائحا ويحسن هنا قول أبي الفتح البستي فيه وإن أقر على رق أنامله * أقر بالرق كتاب الأنام له وما ألطف قول العلامة شهاب الدين محمود من هذا النوع ولم أر مثل نشر الروض لما * تلاقينا ببنت العامري جرى دمعي وأومض برق فيها * فقال الروض في ذا العام ربي ومن لطائف الشيخ جمال الدين بن نباتة قمرا نراه أم مليحا أمردا * ولحاظه بين الجوانح أم ردى ومثله قول شمس الدين محمد بن العفيف أسرع وسر طالب المعالي * بكل واد وكل مهمه وإن لحا عاذل جهول * فقل له يا عذول مه مه ومثله قوله إن الذي منزله * من سحب دمعي أمرعا لم أدر من بعدي هل * ضيع عهدي أم رعى ومثله قولي للقاضي بهاء الدين السبكي رحمه الله تعالى كن كيف شئت عن الهوى لا أنتهي * حتى تعود لي الحياة وأنت هي وأنشدني قاضي القضاة تقي الدين بن الحسني الحنفي بحماة في مبادئ العمر وقد ذكرت بين يديه الجناس المركب قلت للعاذل الملح على الدمع * وإجرائه على الخد نيلا سل سبيلا إلى النجاة ودع دمع * عيوني تجري لهم سلسبيلا ومن أنواع الجناس المركب نوع يسمى المرفو وهو أن يكون أحد الركنين جزءا مستقلا والآخر مجزأ من كلمة أخرى كقول الحريري والمكر مهما استطعت لا تأته * لتقتني السؤدد والمكرمة وقوله ولا تله عن تذكار ذنبك وايكه * بدمع يحاكي المزن حال مصابه ومثل لعينيك الحمام ووقعه * وروعة ملقاه ومطعم صابه وهذا النوع لا يخلو من تعسف وعقادة في التركيب انتهى الكلام على الجناس المركب وأقسامه غير أن هنا بحثا لطيفا وهو أنه قد تقرر إن ركني الجناس يتفقان في اللفظ ويختلفان في المعنى لأنه نوع لفظي لا معنوي وهو نوع متوسط بالنسبة إلى ما فوقه من أنواع البديع والتورية من أعز أنواعه وأعلاها رتبة فإذا جعلت الجناس تورية انحصر المعنيان في ركن واحد وخلصت من عقادة الجناس وحركت الأذواق وأبهجت خاطر السامع بما أتحفته من بديع تركيبها وتأهيله بغريبها وأنا أذكر المثالين هنا ليتضح في الأذهان الصحيحة أن النهار لم يحتج إلى إقامة دليل قال صاحب الجناس المركب أعن العقيق سألت برقا أومضا * أأقام حاد بالركائب أو مضى