المقر المرحومي الفخري من القاهرة إلى حلب وهو صحبة الركاب الشريف الظاهري يشكو إليه رمدا حصل له بعده وكان مبدأ الرسالة قوله ما الطرف بعدكم بالنوم مكحول * هذا وكم بيننا من ربعكم ميل وقال بعد الاستهلال لا استهلت لمولانا دموع ولا جفا جفنه مدى الليالي هجوع منها يطالع العلوم الكريمة بما قاساه طرف المملوك من الرمد وما حصل عليه من الكمد إن عيني مذ غاب شخصك عنها * يأمر السهد في كراها وينهي بدموع كأنهن الغوادي * لا تسل ما جرى على الخد منها فلو رآه وقد أخذت عيناه من العناصر الثلاثة بنصيب وعوضها الهواء عن التراب بمضاعفة الماء واللهيب لرأى من نارها ما يفحم القلوب ومن دمعها ما هو البلاء المصبوب واستمر انهمالها حتى أنشدها المتوجع قارنها الدمع فبئس القرين وطالت مدة رمده حتى لقد أتى على الإنسان حين وتزايد خوف المملوك على مقلتيه وشحه بكريمتيه ففصد في الذراعين وكاد أن يصير لولا أن من الله تعالى عليه أثرا بعد عين وكتب إلى المقر المخدومي المشار إليه سيدنا الإمام العلامة الذي صلت جماعة أهل العصر خلف إمامته وملك قياد البلاغة ببراعته وعبارته بدر الدين رحلة الطالبين أبو عبد الله محمد بن الدماميني المخزومي المالكي جوابا عن حل لغز في ورد أرسله إليه فاستهله بقوله يقبل الأرض وينهي ورود الجواب الذي شفى الصدور وروده وقال بعد الاستهلال واللغز الذي نسي بوروده منه بان الحمى وزروده منه فاستحلي المملوك منه بالتحريف ورده وود لو اقتطف من أغصان حروفه ورده فرده ذل التقصير عاريا عن ملابس عزه وأنشد قول ابن قلاقس وهو يقلى بنار عجزه إذا منعتك أشجار المعالي * جناها الغض فاقنع بالشميم فظهر من طريق سعده نصره وعلم أن هذا الورد لا يحسن من غير تلك الحضرة وأن هذه الفاكهة لا تخرجها إلا أغصان أقلام لها بيدي الراحة المخدومية بهجة ونضرة ومنه وتمشى نظر المملوك من هذا اللغز في بساتين الوزير على الحديقة فرأى كل وردة وأخت الوجنات الحمر فتحير أوردة هي أم شقيقة وعلمت أن الفكر القاصر لا يجاري من بديهته من بحار الفضل رويه وأن الخاطر الذي هو على ضعف من رعايا الأدب لا يقوى على سلطان هذا اللغز لأن شوكته قوية منه وتمتعت من ورده الوارد بالمشموم ثم تذكرت البعد عن جناب المخدوم فاستقطر البين ماء الورد من حدقي وكتبت إليه من القاهرة المحروسة في منتصف ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانمائة عند دخولي إليها في البحر هاربا من طرابلس الشام وقد عضت علي أنياب الحرب بثغرها رسالة مشتملة على حكاية الحال وريت في براعتها بمصنفين له أحدهما الفواكه البدرية الذي جمعه من ثمار أدبه والثاني نزول الغيث الذي نكت فيه على الغيث الذي انسجم في شرح لامية العجم للشيخ صلاح الدين الصفدي واستهليتها بقولي يقبل الأرض التي سقى دوحها بنزول الغيث وأثمر بالفواكة البدرية وقلت بعد الاستهلال وطلع بدر كمالها من الغرب فسلمنا لمعجزاته المحمدية وجرى لسان البلاغة في ثغرها فسما على العقد بنظمه المستجاد وأنشد لا فض الله فاه وقد ابتسم عن محاسنه التي لم يخلق مثلها في البلاد لقد حسنت بك الأيام حتى * كأنك في فم الدنيا ابتسام فأكرم به من مورد فضل ما برح منهله العذب كثير الزحام ومدينة علم تشرفت بالجناب المحمدي فعلى ساكنها السلام ومجلس حكم ما ثبت لمدعي الباطل به حجة وعرفات أدب إن وقفت بها وقفة صرت على الحقيقة ابن حجة وأفق معان بالغ في سمو بدر فلم يقنع بما دون النجوم وميدان عربية